وللآخرين قيامة معجّلة (١) ؛ فيها محاسبة وعليهم فيها مطالبة ، وهو ان حاضر وعذاب حاصل ، فكما ترد على ظواهر قوم فى الآخرة عقوبات ، ترد على سرائر آخرين عقوبات فى الحياة الحاضرة ، والمعاملة مع كلّ أحد تخالف المعاملة مع صاحبه.
قوله «يتخافتون بينهم ...» من تفرّغ لعدّ الأوقات والتمييز بين اختلاف الحالات فنوع غير مستوف فى بلائه ، وأمره سهل ... ومن كان يراد المعنى من حديثه لا يتفرغ إلى نعت الحال ؛ فالأحوال تخبر عنه وهو لا يسأل عن الخبر.
قوله جل ذكره : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧))
كما أنّ فى القيامة الموعودة تغيّر الجبال عن أحوالها فهى كالعهن المنفوش فكذلك فى القيامة الموجودة ... فلا يخبرك عنها إلا الأكابر الذين هم كالرواسى ثباتا ؛ فإنه يدخل عليهم من الأحوال ما يمحقهم عن شواهدهم ، ويأخذهم عن أقرانهم ... كذا سنّته سبحانه.
قوله جل ذكره : (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (١٠٨))
تنقطع الأوهام ، وتقف الأفهام ، وتنخنس العقول ، وتندرس العلوم ، وتتحير المعارف ، ويتلاشى ما هو نعت الخلق ، ويستولى سلطان الحقيقة .. فعند ذلك لا عين ولا أثر ، ولا رسم ولا طلل ولا غبر ، فى الحضور خرس ، وعلى البساط فناء ، وللرسوم امتحاء ، وإنما الصحة على الثبات.
قوله جل ذكره : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩))