فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧))
توزن الأعمال بميزان الإخلاص فما ليس فيه إخلاص لا يقبل ، وتوزن الأحوال بميزان الصدق فما يكون فيه الإعجاب لا يقبل ، وتوزن الأنفاس بميزان (...) (١) فما فيه حظوظ ومساكنات لا يقبل.
ويقال ينتصف المظلوم من الظالم ، وينتقم الضعيف من القوى.
ويقال ما كان لغير الله لا يصلح للقبول.
ويقال يكافئ كلا بما يليق بعمله فمن لم يرحم عباده فى دنياه لا يرحمهالله ، ومن لم يحسن إلى عباده تقاصر عنه إحسانه ، ومن ظلم غيره كوفئ بما يليق بسوء فعله.
قوله : (فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) : أي يجازى المظلومين وينتقم من الظالمين ، وينصف المظلوم من مثقال الذرة ومقياس الحبّة ، وإن عمل خيرا بذلك المقدار فسيلقى جزاءه ، ويجد عوضه.
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (٤٨))
ما آتاه الحق سبحانه للأنبياء عليهمالسلام من الضياء والنّور ، والحجّة والبرهان يشاركهم المستجيبون من أممهم فى الاستبصار به ...
فكذلك الأكابر من هذه الأمة يشاركون نبينا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى الاستبصار بنور اليقين.
و «المتّقى» هو المجانب لما يشغله ويحجبه عن الله ، فيتقى أسباب الحجاب وموجباتها.
__________________
(١) نرى انه قد حدث سقوط للفظة فى هذا المكان ، ولا بد انها بمعنى الخلوص لله والتجرد من كل العلائق ، وربما كانت أيضا (الحقوق) أي حقوق الله.