وقوله : (وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا) إخبار عن عين الجمع ، وقوله : (إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) : إخبار عن عين الفرق (١).
قوله جل ذكره : (وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧))
كان نوح ـ عليهالسلام ـ أطولهم عمرا ، وأكثرهم بلاء. ففى القصة أنه كان يضرب سبعين مرة ، وكان الرجل الهرم يحمل حفيده إليه ويقول. لا تقبل قول هذا الشيخ وكان يوصيه بمخالفته. وكان نوح ـ عليهالسلام ـ يصبر على مقاساة الأذى ، ويدعوهم إلى الله ، فلمّا أيس من إيمانهم ، وأوحى إليه : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) (٢) دعا عليهم فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٣) فقال تعالى : (وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ ....) فأزهق الشّرك وأغرق أهله.
سورة الكهف ...
سورة مريم ...
سوره طه ...
قوله جل ذكره (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً)
أشركهم فى حكم النبوة وإن كان بين درجتيهما تفاوت .. ففى مسألة واحدة أثبت لسليمان ـ عليهالسلام ـ بها خصوصية ؛ إذ منّ عليه بقوله : (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) ولم بمن عليه بشىء من الملك الذي أعطاه بمثل ما منّ عليه بذلك ، وفى هذه المسألة دلالة على تصويب المجتهدين ـ وإن اختلفوا ـ إذا كان اختلافهم فى فروع الدّين ؛ حيث قال : (وَكُلًّا آتَيْنا
__________________
(١) لأن الرحمة من صفات ذاته ـ سبحانه ، وصلاح العبد فيه شىء من كسب العبد.
(٢) آية ٣٦ سورة هود.
(٣) آية ٢٦ سورة نوح.