ثم قال : (لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) : أي لبئس الناصر الصّنم لهم ، ولبئس القوم هم للصنم ، ولم لا.؟ ولأجله وقعوا فى عقوبة الأبد.
قوله جل ذكره (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤))
(الَّذِينَ آمَنُوا) : أي صدّقوا ثم حقّقوا ؛ فالإيمان ظاهره التصديق وباطنه التحقيق ، ولا يصل العبد إليهما إلا بالتوفيق.
ويقال الإيمان (انتسام) (١) الحق فى السّرّ.
ويقال الإيمان ما يوجب الأمان ، ففى الحال يجب الإيمان وفى المآل يوجب الأمان ، فمعجّل الإيمان من (...) (٢) المسلمين ، ومؤجّله الخلاص من صحبة الكافرين الفاسقين.
وقوله : (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : العمل الصالح ما يصلح للقبول ، ويصلح للثواب ، وهو أن يكون على الوجه الذي تعلّق به الإيمان.
والجنان التي يدخل المؤمنين فيها مؤجلة ومعجلة ؛ فالمؤجّله ثواب وتوبة ، والمعجّلة أحوال وقربة ، قال تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (٣).
قوله جل ذكره : (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥))
أي أنّ الحقّ ـ سبحانه ـ يرغم أعداء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فمن لم تطب
__________________
(١) فى م (ابتسام) وفى ص (انتسام) ، ونحن نفضل هذه على تلك على أنها صيغة (انفعال) من (تنسم) فلان العلم أو الخبر أي تلطف فى التماسه حتى تبينه وتبعه.
(٢) فى م (سيف) وفى ص (سلف) ونحن نؤثر الأولى إذ أن الذي يؤمن يأمن ـ فى الحال ـ من بطش المسلمين الذين أمروا بقتال أعدائهم جهادا فى سبيل إعلاء كلمة الإيمان.
(٣) آية ٤٦ سورة الرحمن.