لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق)
يريد أنه متكبّر عن قبول الحق ، زاهد فى التحصيل ، غير واضع نظره موضعه ؛ إذ لو فعل ذلك لهان عليه التخلّص من شبهته.
ثم قال : (لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) أي مذلة وهوان ، وفى الآخرة عذاب الحريق.
قوله جل ذكره : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١))
يعنى يكون على جانب ، غير مخلص ... لا له استجابة توجب الوفاق ، ولا جحدا يبين الشقاق ؛ فإن أصابه أمن وخير ولين اطمأن به وسكن إليه ، وإن أصابته فتنة أو نالته محنة ارتدّ على عقبيه ناكسا ، وصار لما أظهر من وفاقه عاكسا. ومن كانت هذه صفته فقد خسر فى الدارين ، وأخفق فى المنزلتين.
قوله جل ذكره : (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣))
أي يعبد من المضرّة فى عبادته أكثر من النّفع منه ، بل ليس فى عبادته النفع بحال ، فالضّرّ المتيقّن فى عبادتهم الأصنام هو بيان ركاكة عقولهم ، ورؤية الناس خطأ فعلهم. والنفع الذي يتوهمونه فى هذه العبادة ليس له تحصيل ولا حقيقة.