ويتطلع بما هو حقائق البيان التي هى كالعيان كما فى الخبر : «كأنك تراه». (١)
(وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) : هى أركان الأحوال المتوالية من الرغبة والرهبة ، والرجاء والمخافة والقبض والبسط ، وفى معناه أنشدوا :
لست من جملة المحبين إن لم |
|
أجعل القلب بيته والمقاما |
وطوافى إجالة السّرّ فيه |
|
وهو ركنى إذا أردت استلاما |
قوله : (لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً) : لا تلاحظ البيت ولا بناءك (٢) للبيت.
ويقال هو شهود البيت دون الاستغراق فى شهود ربّ البيت.
قوله جل ذكره : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧))
أذّن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ بالحج ونادى ، وأسمع الله نداءه جميع الذرية فى أصلاب آبائهم ، فاستجاب من المعلوم من حاله أنه يحج.
وقدّم الرّجالة على الركبان لأنّ الحمل على المركوب أكثر (٣).
ولتلك الجمال على الجمال خصوصية لأنها مركب الأحباب ، وفى قريب من معناه أنشدوا :
وإنّ جمالا قد علاها جمالكم |
|
ـ وإن قطّعت أكبادنا ـ لحبائب |
ويقال (يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) هذا على وجه المدح وسبيل الشكر منهم.
وكم قدر مسافة الدنيا بجملتها!؟ ولكن لأجل قدر أفعالهم وتعظيم صنيعهم يقول ذلك إظهارا لفضله وكرمه.
__________________
(١) إشارة إلى الحديث (أعبد الله كأنك تراه وعد نفسك من الموتى).
الطبراني عن أبى الدرداء ، وحسن السيوطي سنده ، ورواه البيهقي عن معاذ. وفى الحلية (أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك ...).
(٢) هكذا فى م أما فى ص فقد وردت (ولا تبال) ونحن نرجح ما جاء فى م.
(٣) فتقديم الرجالة فيه تخصيص نظرا لما يبذلونه من جهد أكبر.