أطلال سعدى باللّوى تتجدّد
فإذا هبّت على تلك القلوب رياح العناية ، وزال عنها وهج النسيان سقاها الله صوب (١) التجلّى ، وأنبت فيها أزهار البسط فيتضح فيها نهار الوصل ، ثم يوجد فيها نسيم القرب إلى أن تطلع شموس التوحيد.
قوله جل ذكره : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
يتجاوز عن الأصاغر لقدر الأكابر ، ويعفو عن العوام لاحترام الكرام .. وتلك سنّة أجراها الله لاستنقاء (٢) منازل العبادة ، واستصفاء من اهل العرفان. ولا تحويل لسنّته ، ولا تبديل لكريم عادته.
قوله جل ذكره : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١))
إذا طالت بهم المدة ، وساعدهم العمر لم يستفرغوا أعمالهم فى استجلاب حظوظهم ، ولا فى اقتناء محبوبهم من الدنيا أو مطلوبهم ، ولكن قاموا بأداء حقوقنا.
وقوله : (أَقامُوا الصَّلاةَ) : فى الظاهر ، واستداموا المواصلات فى الباطن.
__________________
(١) الصوب ـ المطر بقدر ما ينفع ولا يؤذى (الوسيط).
(٢) هكذا فى م ولكنها فى س (لاستيفاء). وقد آثرنا (استنقاء) لملاء منها (لاستصفاء) التي بعدها ولا نستبعد أنها قد تكون (لاستبقاء) فى الأصل على معنى : ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لما بقيت منازل العبادة ؛ لأن الكافرين إذا انتصروا لم يتركوا معابد.