قوله جل ذكره : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩))
إذا أصابهم ضرّ أو مسّهم ـ ما هو فى الظاهر ـ ذلّ من الأعادى يجرى عليهم ضيم ، أو يلحقهم من الأجانب استيلاء وظلم .. فالحقّ ـ سبحانه ـ ينتقم من أعدائهم لأجلهم ، فهم بنعت التسليم والسكون فى أغلب الأحوال ، وتفاصيل الأقدار جارية باستئصال من يناويهم ، وبإحالة الدائرة على أعاديهم. وفى بعض الأحايين ينصبهم الحقّ سبحانه بنعت الغلبة والتمكين من نزولهم بساحات من يناوئهم بحسن الظّفر ، وتمام حصول الدائرة على من ناصبهم ، وأخزاهم بأيديهم ، وكلّ ذلك يتفق ، وأنواع النصرة من الله ـ سبحانه ـ حاصلة ، والله ـ فى الجملة ـ غالب على أمره.
قوله جل ذكره : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ)
المظلوم منصور ولو بعد حين ، ودولة الحق تغلب دولة الباطل ، والمظلوم حميد العقبى ، والظالم وشيك الانتقام منه بشديد البلوى : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا) (١). وقد يجرى من النّفس وهواجسها على القلوب لبعض الأولياء وأهل القصة ـ ظلم ، ويحصل لسكّان القلوب من الأحوال الصافية عنها جلاء ، وتستولى غاغة النّفس ، فتعمل فى القلوب بالفساد بسبب استيطان الغفلة حتى تنداعى القلوب للخراب من (٢) طوارق الحقائق وشوارق الأحوال ، كما قال قائلهم :
أنى إليك قلوبا طالما هطلت |
|
سحائب الجود فيها أبحر الحكم |
فيهزم الحقّ ـ سبحانه ـ بجنود الإقبال أراذل الهواجس ، وينصر عسكر التحقيق بأمداد الكشوفات. ويتجدّد دارس العهد ، وتطلع شموس السّعد فى ليالى الستر ، وتكنس القلوب وتتطهر من آثار ظلمة النّفس ، كما قيل :
__________________
(١) آية ٥٢ سورة النمل.
(٢) (للخراب من طوارق الحقائق) أي بسبب خلوها من طوارق الحقائق