يدفع عن صدورهم نزغات الشيطان ، وعن قلوبهم خطرات العصيان ، وعن أرواحهم طوارق النسيتان.
والخيانة على أقسام : خيانة فى الأموال تفصيلها فى المسائل الشرعية ، وخيانة فى الأعمال ، وخيانة فى الأحوال ؛ فخيانة الأعمال بالرياء والتصنع ، وخيانة الأحوال بالملاحظة والإعجاب والمساكنة ، وشرّها الإعجاب ، ثم المساكنة وأخفاها الملاحظة (١).
ويقال خيانة الزاهدين عزوفهم عن الدنيا (على) (٢) طلب الأعواض ليجدوا فى الآخرة حسن المآل .. وهذا إخلاص الصالحين. ولكنه عند خواص الزهاد خيانة ؛ لأنهم تركوا دنياهم لا لله ولكن لوجود العوض على تركهم ذلك من قبل الله.
وخيانة العابدين أن يدعوا شهواتهم ثم يرجعون إلى الرّخص ، فلو صدقوا فى مرماهم لما انحطّوا إلى الرخص بعد ترقيهم عنها.
وخيانة العارفين جنوحهم إلى وجود مقام ، وتطلعهم لمنال منزلة وإكرام من الحق ونوع تقريب.
وخيانة المحبين روم فرحة (٣) مما يمسهم من برحاء المواجيد ، وابتغاء خرجة مما يشتدّ عليهم (٤) من استيلاء صدّ ، أو غلبات شوق ، أو تمادى أيام هجر.
وخيانة أرباب التوحيد أن يتحرك لهم للاختيار عرق ، ورجوعهم ـ بعد امتحائهم عنهم ـ إلى شظية من أحكام الفرق ، اللهم إلا أن يكون ذلك منهم موجودا ، وهم عنه مفقودون (٥).
__________________
(١) نلفت النظر إلى أهمية ذلك عند دراسة المصطلح الصوفي ، خاصة وأن القشيري لم يتكلم عن ذلك فى رسالته.
(٢) (على) طلب الأعواض معناها لأجل طلب الأعواض.
(٣) (روم) فى ص و (روح) فى م ، ونظن أنها (فرجة) بالجيم كما سبق منذ قليل حين استعمل القشيري (فرجة ، وخرجة) فى سياق مماثل.
(٤) هكذا فى م وهى فى ص مما (يشق عليهم) وكلاهما مقبول فى السياق.
(٥) معنى هذا أن القشيري يسلم بأنه قد يحدث من العبد الواله ما ينبغى أن يعذر فيه ، إن صحّ صدقه فى التوجه ، واشتد وقع المحو عليه.