قوله جل ذكره : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠))
يخلصون فى الطاعات من غير إلمام بتقصير ، أو تعريح فى أوطان الكسل ، أو جنوح إلى الاسترواح بالرّخص. ثم يخافون كأنهم ألمّوا بالفواحش ، ويلاحظون أحوالهم بعين الاستصغار ، والاستحقار ، ويخافون بغتات التقدير ، وقضايا السخط ، وكما قيل :
يتجنّب الآثام ثم يخافها |
|
فكأنّما حسناته آثام |
قوله جل ذكره : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١))
(١) مسارع بقدمه من حيث الطاعات ، ومسارع بهممه من حيث المواصلات ، ومسارع بندمه من حيث تجرّع الحسرات ، والكلّ مصيب ، وللكلّ من إقباله ـ على ما يليق بحاله ـ نصيب.
قوله جل ذكره : (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢))
المطالبات فى الشريعة مضمّنة بالسهولة ، وأمّا مطالبات الحقيقة فكما قالوا : ليس إلّا بذل الروح ، ولهذا فهم لا تشغلهم الترّهات (٢). قال لأهل الرخص والمستضعفين فى الحال : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٣) ، وأمّا أرباب الحقائق ؛ فقال : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) (٤) وقال : (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ) (٥) ، وقال : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) (٦).
__________________
(١) في س أخطأ الناسخ إذ زاد (لهم) بعد يسارعون.
(٢) الترهات جمع ترهة وهى القول الباطل الذي لا نفع فيه ، أو الطريق الصغيرة المتشعبة عن الطريق الأعظم.
(٣) آية ٧٨ سورة الحج.
(٤) آية ٢٨٤ سورة البقرة.
(٥) آية ١٥ سورة النور.
(٦) آية ٧٨ سورة الحج.