قوله جل ذكره : (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩))
الابتداء للحادثات من الله بدعا ، والانتهاء إليه عودا ، والتوحيد ينتظم هذه المعاني ؛ فتعرف أنّ الحادثات بالله ظهورا ، ولله ملكا ، ومن الله ابتداء ، وإلى الله انتهاء.
قوله جل ذكره : (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠))
يحيى النفوس ويميتها والمعنى فى ذلك معلوم ، وكذلك يحيى القلوب ويميتها ؛ فموت القلب بالكفر والجحد ، وحياة القلب بالإيمان والتوحيد ، وكما أنّ للقلوب حياة وموتا فكذلك للأوقات موت وحياة ، فحياة الأوقات بيمن إقباله ، وموت الأوقات بمحنة إعراضه ، وفى معناه أنشدوا :
أموت إذا ذكرتك ثم أحيا |
|
فكم أحيا عليك وكم أموت |
قوله : (وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ؛ فليس كلّ اختلافها فى ضيائها وظلمتها ، وطولها وقصرها ، بل ليالى المحبين تختلف فى الطول والقصر ، وفى الروح والنوح ؛ فمن الليالى ما هو أضوأ من اللآلى ، ومن النهار ما هو أشدّ من الحنادس ، يقول قائلهم : ليالىّ بعد الظاعنين شكول.
ويقول قائلهم :
وكم لظلام الليل عندى من |
|
تخبّر أنّ المانوية تكذّب |
وقريب من هذا المعنى قالوا :
ليالى وصال قد مضين كأنّها |
|
لآلى عقود فى نحور الكواعب |
وأيام هجر أعقبتها كأنّها |
|
بياض مشيب فى سواد الذوائب |