قوله جل ذكره : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (١١٥))
العبث اللهو ، واللّعب والاشتغال بما يلهى عن الحقّ ، والله لم يأمر العباد بذلك ، ولم يدعهم إلى ذلك ، ولم يندبهم إليه.
والعابث فى فعله من فعله على غير حدّ الاستقامة ، ويكون هازلا مستجلبا بفعله أحكام اللهو إلى نفسه ، متماديا فى سهوه ، مستلذّ التفرقة فى قصده. وكلّ هذا من صفات ذوى البشرية ، والحقّ ـ سبحانه ـ منزّه النّعت عن هذه الجملة ، فلا هو بفعل شىء عابث ، ولا بشىء من العبث آمر.
قوله جل ذكره : (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦))
الحقّ ـ بنعوت جلاله ـ متوحّد ، وفى عزّ آزاله وعلّو أوصافه متفرّد ، فذاته حقّ ، وصفاته حقّ ، وقوله صدق ، ولا يتوجّه لمخلوق عليه حق ، وما يفعله من إحسان بعباده فليس شىء منها بمستحق (١).
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) : ما تجمّل بالعرش ، ولكن تعزّز العرش بأنّه أضافه إلى نفسه إضافة خصوصية.
والكريم الحسن ، والكرم نفى الدناءة.
قوله جل ذكره : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧))
حسابه على الله فى آجله. وعذابه من الله له فى عاجله ، وهو الجهل الذي أودع قلبه حتى رضى بأن يعبد معه غيره. وقولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) كلام
__________________
(١) معنى هذه العبارة أنه لا يجب على الله شىء فى إحسانه لعباده ، فهو إذا أحسن إليهم فهذا من فضله ، وليس نتيجة وجوب على الله أو حق للعبد.