وفى الخبر : أنهم ينصرفون بعد ذلك فإذا لهم عواء كعواء الذئب. وبعض الناس تغار من أحوالهم ؛ لأن الحق يقول لهم : (اخْسَؤُا فِيها) ، فيقولون : يا ليتنا يقول لنا! أليس هو يخاطبنا بذلك؟! وهؤلاء يقولون : قدح الأحباب ألذّ من مدح الأجانب ، وينشدون فى هذا المعنى :
أتانى عنك سبّك لى .. فسبىّ |
|
أليس جرى بفيك اسمى؟ فحسبى |
قوله جل ذكره : (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (١١١))
الحقّ ـ سبحانه ـ ينتقم من أعدائه بما يطيّب به قلوب أوليائه ، وتلك خصومة الحق ، فيقول : قد كان قوم من أوليائى يفصحون بمدحى وثنائى ، ويتصفون بمدحى واطرائى ، فاتخذتموهم سخريا ... فأنا اليوم أجازيهم ، وأنتقم ممن كان يناويهم.
قوله جل ذكره : (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣) قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤))
عدد سنين الأشياء ـ وإن كانت كثيرة ـ فقد تقصر أو تقل بالإضافة إلى ما يوفى ويربى عليها ، كذلك مدة مقامهم تحت الأرض ؛ إن كانوا فى الراحة فقد تقل بالإضافة إلى الراحات التي يلقونها فى القيامة ، وإن كانت شدائد فتتلاشى في جنب ما يرونه ذلك اليوم من أليم تلك العقوبات المتوالية.