منها لم يكن البلاء كاملا ، ولكنها آلام لا تتناهى ، ومحن لا تنقضى ؛ كلما راموا فرجة قيل لهم : فلن تريدكم إلا عذابا.
قوله جل ذكره (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (١٥))
المتقون أبدا فى النعيم المقيم ؛ حور وسرور وحبور ، وروح وريحان ، وبهجة وإحسان ، ولطف جديد وفضل مزيد ، وألذّ شراب وكاسات محابّ ، وبسط قلب وطيب حال ، وكمال أنس ودوام طرب وتمام جذل ، لباسهم فيها حرير وفراشهم سندس وإستبرق. والأسماء أسماء فى الدنيا والأعيان بخلاف المعهودات فيها (١). ثم فيها ما يشاءون ، وهم أبدا مقيمون لا يبرحون ، ولا هم عنها يخرجون.
قوله جل ذكره : (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ)
ولكن لا يخلق فى قلوبهم إلا إرادة ما علم أنه سيفعله ، فما هو المعلوم لله أنه لا يفعله لا تتعلق به إرادتهم ، ويمنع من قلوبهم مشيئته.
قوله جل ذكره : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧))
الله يحشر الكفار ويحشر الأصنام التي عبدوها من دون الله ، فيحييها ويقول لها : هل أمرتم هؤلاء بعبادتكم؟ فيتبرأون .. كلّه تهويل وتعظيم للشأن ، وإلا فهو عليم بما كان وما لم يكن. فالأصنام تتبرأ منهم ، وتقابلهم بالتكذيب ، وهم ينادون على أنفسهم بالخطأ والضلال ، فيلقون فى النار ، ويبقون فى الوعيد إلى الأبد.
قوله جل ذكره : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) :
__________________
(١) هذا تنبيه هام جدا لتوضيح حقيقة النعم التي فى الآخرة.