به قوم لوط حيث عملوا الخبائث ... كل ذلك تطييبا لقلبه صلىاللهعليهوسلم ، وتسكينا لسرّه ، وإعلاما وتعريفا بأنه سيهلك من يعاديه ، ويدمّر من يناويه ، وقد فعل من ذلك الكثير فى حال حياته ، والباقي بعد مضيّه ـ عليهالسلام ـ من الدنيا وذهابه.
قوله جل ذكره : (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً (٤١))
كانت تكون له سلوة لو ذكر حالته وشكا إليه قصته ، فإذا أخبر الله وقصّ عليه ما كان يلاقيه كان أوجب للسّلوة وأقرب من الأنس ، وغاية سلوة أرباب المحن أن يذكروا لأحبائهم ما لقوا فى أيام امتحانهم كما قال قائلهم :
يودّ بأن يمشى سقيما لعلّها |
|
إذا سمعت منه بشكوى تراسله |
ويهتزّ للمعروف فى طلب العلى |
|
لتذكر يوما عند سلمى شمائله |
وأخبر أنهم كانوا ينظرون إليه ـ عليهالسلام ـ بعين الإزدراء والتصغير لشأنه ؛ لأنهم كانوا لا يعرفون قدره ، قال تعالى : «وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون» (١).
قوله جل ذكره : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣))
كانوا يعبدون من الأصنام ما يهوون ؛ يستبدلون صنما بصنم ، وكانوا يجرون على مقتضى ما يقع لهم. والمؤمن بحكم الله لا بحكم نفسه ، وبهذا يتضح الفرقان (٢) بين رجل وبين رجل.
والذي يعيش على ما يقع له فعابد هواه ، وملتحق بالذين ذكرهم الحقّ بالسوء فى هذه الآية.
قوله جل ذكره : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤))
__________________
(١) آية ١٩٨ سورة الأعراف.
(٢) فرق بين الشيئين فرقا وفرقانا. والفرقان البرهان والحجة ، وكل ما فرق به بين الحق والباطل.