قمر السماء له نقصان ومحاق ، وفى بعض الأحايين هو بدر بوصف الكمال ، وقمر المعرفة أبدا له إشراق وليس له نقصان أو محاق ، ولذا قال قائلهم :
دع الأقمار تخبو أو تنير |
|
لها بدر تذلّ له البدور |
فأمّا شمس القلوب فهى التوحيد ، وشمس السماء تغرب ولكن شمس القلوب لا تغيب ولا تغرب ، وفى معناه قالوا :
إن شمس النهار تغرب بالليل |
|
وشمس القلوب ليست تغيب |
ويصحّ أن يقال إن شمس النهار تغرب بالليل ، وشمس القلوب سلطانها فى الضوء والطلوع بالليل أتمّ.
قوله جل ذكره : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (٦٢))
الأوقات متجانسة ، وتفضيلها بعضها على بعض على معنى أنّ الطاعة فى البعض أفضل والثواب عليها أكثر. والليل خلف النهار والنهار خلف الليل ، فمن وقع له فى طاعة الليل خلل فإذا حضر بالنهار فذلك وجود جبرانه ، وإن حصل فى طاعة النهار خلل فإذا حضر بالليل ففى ذلك إتمام لنقصانه.
قوله جل ذكره : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣))
الذين استوجبوا رحمة الرحمن هم الذين وفّقوا للطاعات ، فبرحمته وصلوا إلى التوفيق للطاعة. وعباد الرحمن الذين يستحقون غدا رحمته هم القائمون برحمته ؛ فبرحمته وصلوا إلى طاعته .. هكذا بيان الحقيقة ، وبطاعتهم وصلوا إلى جنّته .. هكذا لسان الشريعة.
ومعنى (هَوْناً) متواضعين متخاشعين