(وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ) ، قرأ عاصم وحمزة (لَمَّا) بالتشديد هاهنا وفي الزخرف [٣٥] والطارق [٤] ، وافق ابن عامر إلّا في الزخرف ، ووافق أبو جعفر في الطارق ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، فمن شدد جعل (إِنْ) بمعنى الجحد ، و (لَمَّا) بمعنى إلّا ، تقديره : وما كل إلّا جميع ، ومن خفف جعل (إِنْ) للتحقيق وما صلة ، مجازه. وكل يجمع (١) ، (لَدَيْنا مُحْضَرُونَ).
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٣٥) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠) وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢))
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) ، بالمطر ، (وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا) ، يعني الحنطة والشعير وما أشبههما ، (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) ، أي من الحب.
(وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ) بساتين ، (مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها) ، في الأرض ، (مِنَ الْعُيُونِ).
(لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) ، أي من الثمر الحاصل بالماء ، (وَما عَمِلَتْهُ) ، قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عملت بغير هاء ، وقرأ الآخرون عملته بالهاء أي يأكلون من الذي عملته ، (أَيْدِيهِمْ) ، من الزرع والغرس والهاء (٢) عائدة إلى (ما) التي هي بمعنى الذي. وقيل : وما للنفي في قوله (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) أي وجدوها معمولة ولم تعمله أيديهم ، ولا صنع لهم فيها ، وهذا معنى قول الضحاك ومقاتل ، وقيل : أراد العيون والأنهار التي لم تعملها يد خلق مثل دجلة والفرات والنيل ونحوها ، (أَفَلا يَشْكُرُونَ) ، نعمة الله.
(سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) ، أي الأصناف كلها ، (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) ، من الثمار والحبوب ، (وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ) ، يعني الذكور والإناث ، (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) ، مما خلق من الأشياء من دواب البر والبحر.
(وَآيَةٌ لَهُمُ) ، تدل على قدرتنا ، (اللَّيْلُ نَسْلَخُ) ، ننزع ونكشط ، (مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) ، داخلون في الظلمة ، ومعناه نذهب بالنهار (٣) ونجيء بالليل ، وذلك أن الأصل هي الظلمة والنهار داخل عليها ، فإذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل ، فتظهر الظلمة.
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) ، أي إلى مستقر لها. قيل : إلى انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وقيام الساعة. وقيل : إنها تسير حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ، ثم ترجع فذلك مستقرها لأنها لا تجاوزها. وقيل : مستقرها نهاية ارتفاعها في السماء في الصيف ، ونهاية هبوطها في الشتاء ، وقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) في المطبوع و «ط» «كل جميع» والمثبت عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «فالهاء».
(٣) في المطبوع «النهار» والمثبت عن «ط» والمخطوط.