والتصدية واللغو واللغط. قال قتادة : يكذبون في آياتنا. قال السدي : يعاندون ويشاقون [لا تخفون علينا](١). قال مقاتل. نزلت في أبي جهل (لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ) ، وهو أبو جهل ، (خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) ، قيل : هو حمزة. وقيل : عثمان. وقيل : عمار بن ياسر. (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) ، أمر تهديد ووعيد ، (إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ، عالم فيجازيكم به.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ) ، بالقرآن ، (لَمَّا جاءَهُمْ) ، ثم أخذ في وصف الذكر وترك جواب : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، على تقدير الذين كفروا بالذكر يجازون بكفرهم. وقيل : خبره قوله من بعد : (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [فصلت : ٤٤]. (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) ، قال الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما : كريم على الله : قال قتادة : أعزه الله عزوجل فلا يجد الباطل إليه سبيلا.
وهو قوله : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) ، قال قتادة والسدي : الباطل هو الشيطان لا يستطيع أن يغيره أو يزيد فيه أو ينقص منه. قال الزجاج : معناه أنه محفوظ من أن ينقص منه ، فيأتيه الباطل من بين يديه أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه ، وعلى هذا معنى (٢) «الباطل» : الزيادة والنقصان.
وقال مقاتل : لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله ، ولا يجيء من بعده كتاب فيبطله ، (تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) ، ثم عزّى نبيه صلىاللهعليهوسلم على تكذيبهم.
فقال : (ما يُقالُ لَكَ) ، من الأذى ، (إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) ، يقول إنه قد قيل للأنبياء والرسل قبلك ساحر ، كما يقال لك وكذبوا كما كذبت ، (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) ، لمن تاب وآمن بك (وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) ، لمن أصر على التكذيب.
(وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٤٤) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧))
(وَلَوْ جَعَلْناهُ) ، أي جعلنا هذا الكتاب الذي تقرأه على الناس ، (قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) ، بغير لغة العرب ، (لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) ، هلا بينت آياته بالعربية حتى نفهمها ، (أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ) ، يعني : أكتاب أعجمي ورسول عربي؟ وهذا استفهام على وجه الإنكار ، أي أنهم كانوا يقولون : المنزّل عليه عربي والمنزل أعجمي.
[١٨٦٧] قال مقاتل : وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يدخل على يسار غلام عامر بن الحضرمي ، وكان يهوديا أعجميا ، يكنى (٣) أبا فكيهة ، فقال المشركون : إنما يعلمه يسار فضربه سيده ، وقال : إنك تعلم محمدا ،
__________________
[١٨٦٧] ـ ذكره المصنف هاهنا عن مقاتل تعليقا ، وسنده إليه أول الكتاب ، وهو ضعيف لإرساله ، وتقدم في أواخر سورة النحل نحو هذا ، والله أعلم.
(١) زيادة عن المخطوطتين.
(٢) في المخطوط (ب) «هذا يعني» والمثبت عن المطبوع والمخطوط (أ) وط.
(٣) في المطبوع «يعنى» والمثبت عن المخطوطتين.