فقال يسار : هو يعلمني ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(قُلْ) ، يا محمد ، (هُوَ) ، يعني القرآن ، (لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ) هدى من الضلالة ، وشفاء لما في القلوب ، وقيل : شفاء من الأوجاع ، (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) ، قال قتادة : عموا عن القرآن وصموا عنه فلا ينتفعون به ، (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) ، أي أنهم لا يسمعون ولا يفهمون كما أن من دعي [من](١) مكان بعيد لم يسمع ولم يفهم ، وهذا مثل لقلة انتفاعهم بما يوعظون به كأنهم ينادون من حيث لا يسمعون.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) ، فمصدق ومكذب كما اختلف قومك في كتابك ، (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) ، في تأخير العذاب عن المكذبين بالقرآن (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) ، لفرغ من عذابهم وعجل إهلاكهم ، (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) ، من صدقك ، (مُرِيبٍ) ، موقع لهم الريبة.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٤٦).
(إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) ، أي علمها إذا سئل عنها مردود إليه لا يعلمه غيره ، (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها) ، قرأ أهل المدينة والشام وحفص : (ثَمَراتٍ) ، على الجمع ، وقرأ الآخرون ثمرة على التوحيد ، (مِنْ أَكْمامِها) أوعيتها واحدها : كم. قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني الكفرى قبل أن تنشق. (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) ، إلا بإذنه ، يقول : يرد إليه علم الساعة كما يرد إليه علم الثمار والنتاج. (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) ، ينادي الله المشركين ، (أَيْنَ شُرَكائِي) ، الذين كنتم تزعمون أنها آلهة ، (قالُوا) ، يعني المشركين ، (آذَنَّاكَ) ، أعلمناك ، (ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) ، أي من شاهد بأن لك شريكا لما عاينوا العذاب تبرءوا من الأصنام.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨) لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٠) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (٥١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٢) سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (٥٤))
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ) ، يعبدون ، (مِنْ قَبْلُ) ، في الدنيا (وَظَنُّوا) ، أيقنوا ، (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) ، مهرب.
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ) ، لا يمل الكافر ، (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) ، أي لا يزال يسأل ربه الخير ، يعني المال والغنى والصحة ، (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ) ، الشدة والفقر ، (فَيَؤُسٌ) ، من روح الله ، (قَنُوطٌ) ، من رحمته.
(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا) ، آتيناه خيرا وعافية وغنى ، (مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) ، من بعد شدة وبلاء
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.