(حم (١) عسق) ، سئل الحسين بن الفضل (١) لم تقطع (٢) حم عسق ولم يقطع كهيعص؟ فقال : لأنها سور (٣) أوائلها (٤) حم فجرت مجرى نظائرها فكان حم مبتدأ وعسق خبره ولأنهما عدا آيتين وأخواتها مثل كهيعص والمص والمر عدّت آية واحدة.
وقيل : لأن أهل التأويل لم يختلفوا في كهيعص وأخواتها أنها حروف التهجي لا غير.
واختلفوا في حم فأخرجها بعضهم من حيز الحروف وجعلها فعلا ، وقال : معناها حم أي قضى ما هو كائن ، روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ح حلمه ، م مجده ، ع علمه ، من سناؤه ، ق قدرته ، أقسم الله بها.
وقال شهر بن حوشب وعطاء بن أبي رباح : ح حرب يعز فيها الذليل ويذل فيها العزيز من (٥) قريش ، م مالك يتحول من قوم إلى قوم ، ع عدو لقريش يقصدهم ، س سيء يكون فيهم ، ق قدرة الله النافذة في خلقه.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ليس من نبي صاحب كتاب إلّا وقد أوحيت إليه حم عسق.
فلذلك قال : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ) ، وقرأ ابن كثير (يُوحِي) بفتح الحاء وحجته قوله : (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) [النساء : ١٦٣ ، الشورى : ٧] ، (وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) ، وعلى هذه القراءة قوله ، (اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، تبين للفاعل كأنه قيل من يوحي فقيل الله العزيز الحكيم ، وقرأ الآخرون (يُوحِي) بكسر الحاء ، إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم. قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : يريد أخبار الغيب.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧))
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَ) ، أي كل واحدة منها تتفطر فوق التي تليها من قول المشركين : (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) نظيره في سورة مريم [٨٨] : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ). (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) ، من المؤمنين ، (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) ، يحفظ أعمالهم ويحصيها عليهم ليجازيهم بها ، (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) ، لم يوكلك الله عليهم حتى تؤخذ بهم.
(وَكَذلِكَ) ، مثل ما ذكرنا ، (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) ، مكة يعني أهلها ، (وَمَنْ حَوْلَها) ، يعني قرى الأرض كلها ، (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) ، أي تنذرهم بيوم الجمع وهو يوم القيامة يجمع الله
__________________
(١) في المخطوط (ب) «أبي الفضل».
(٢) في المطبوع «يقطع» والمثبت عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «سورا» والمثبت عن المخطوط.
(٤) في المخطوط (ب) «أولها» والمثبت عن المخطوط (أ) وط.
(٥) في المخطوط (أ) «في».