بنات الله ، والخفض ردا على قوله : (مِمَّا يَخْلُقُ) ، وقوله : (بِما ضَرَبَ).
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩) وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣))
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) ، قرأ أهل الكوفة وأبو عمرو (عِبادُ الرَّحْمنِ) بالباء والألف بعدها ورفع الدال كقوله تعالى : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) ، [الأنبياء : ٢٦] ، وقرأ الآخرون : عند الرحمن بالنون ونصب الدال على الظرف وتصديقه كقوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) [الأعراف : ٢٠٦] الآية : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) ، قرأ أهل المدينة على ما لم يسم فاعله ، وليّنوا الهمزة الثانية بعد همزة الاستفهام ، أي أحضروا خلقهم ، وقرأ الآخرون بفتح الشين أي أحضروا خلقهم حين خلقوا ، وهذا كقوله : (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ) (١٥٠) [الصافات : ١٥٠] ، (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ) ، على الملائكة أنهم بنات الله ، (وَيُسْئَلُونَ) ، عنها.
[١٨٨١] قال الكلبي ومقاتل : لما قالوا هذا القول سألهم النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «ما يدريكم أنهم إناث (١)؟ قالوا : سمعنا من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا فقال الله تعالى : (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) ، عنها في الآخرة.
(وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) ، يعني الملائكة ، قاله قتادة ومقاتل والكلبي ، وقال مجاهد : يعني الأوثان وإنما لم يعجل عقوبتنا على عبادتنا إياها لرضاه منا (٢) بعبادتها. قال الله تعالى : (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) ، فيما يقولون (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) ما هم إلّا كاذبون في قولهم : إن الله تعالى رضي منّا بعبادتها ، وقيل : إن هم إلّا يخرصون ، في قولهم : إن الملائكة إناث وأنهم بنات الله.
(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ) ، أي من قبل القرآن بأن يعبدوا غير الله ، (فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ).
(بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) ، على دين وملة ، قال مجاهد : على إمام. (وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) ، جعلوا أنفسهم باتباع آبائهم الأولين مهتدين.
(وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) ، أغنياؤها ورؤساؤها ، (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) ، بهم.
(قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٢٤) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ
__________________
[١٨٨١] ـ واه بمرة ، ذكره المصنف هاهنا معلقا عن الكلبي ومقاتل وسنده إليهما مذكور في أول الكتاب ، ولا يصح هذا الخبر ، فالكلبي متروك متهم ، ومقاتل إن كان ابن سليمان ، فهو كذاب ، وإن كان ابن حيان ، فقد روى مناكير. وذكره الواحدي في «الوسيط» ٤ / ٦٨ عن الكلبي ومقاتل معلقا بدون إسناد.
(١) في المطبوع «بنات الله» والمثبت عن المخطوط و «ط».
(٢) في المطبوع «منها» والمثبت عن ط والمخطوط.