بذلك ، ولكن لا ولد له. وقيل : العابدين بمعنى الآنفين ، يعني أول الجاحدين والمنكرين لما قلتم. ويقال : معناه أنا أول من غضب للرحمن أن يقال له ولد ، يقال : عبد يعبد إذا أنف أو غضب عبدا. وقال قوم : قل ما يقال : عبد فهو عابد ، إنما يقال : عبد فهو عبد.
(سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٨٩))
ثم نزه نفسه فقال : (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٨٢) عما يقولون من الكذب.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا) ، في باطلهم ، (وَيَلْعَبُوا) ، في دنياهم ، (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) ، يعني يوم القيامة.
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) ، قال قتادة : يعبد في السماء وفي الأرض لا إله إلّا هو ، (وَهُوَ الْحَكِيمُ) ، في تدبير خلقه ، (الْعَلِيمُ) ، بمصالحهم.
(وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥)) ، قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي «يرجعون» بالياء ، والآخرون بالتاء.
(وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) ، وهم عيسى وعزير والملائكة فإنهم عبدوا من دون الله ، ولهم الشفاعة ، وعلى هذا يكون (مِنْ) في محل الرفع ، وقيل : (مِنْ) في محل الخفض ، وأراد بالذين يدعون عيسى وعزير والملائكة ، يعني أنهم لا يملكون الشفاعة إلّا لمن شهد بالحق ، والأول أصح ، وأراد بشهادة الحق قول لا إله إلّا الله كلمة التوحيد ، (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ، بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٨٧) ، يصرفون عن عبادته.
(وَقِيلِهِ يا رَبِ) ، يعني قول محمد صلىاللهعليهوسلم شاكيا إلى ربه يا رب ، (إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) ، قرأ عاصم وحمزة (وَقِيلِهِ) بجر اللام والهاء على معنى وعنده علم الساعة وعلم قيله يا رب ، وقرأ الآخرون بالنصب ، وله وجهان : أحدهما معناه : أما يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم وقيله يا رب ، والثاني : وقال قيله.
(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) ، أعرض عنهم ، (وَقُلْ سَلامٌ) ، معناه : المتاركة ، كقوله تعالى : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) [القصص : ٥٥] ، (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ، قرأ أهل المدينة والشام بالتاء ، وقرأ والباقون بالياء ، قال مقاتل : نسختها آية السيف.