وقال مقاتل : لا تمنوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتبطلوا أعمالكم ، نزلت في بني أسد وسنذكره في سورة الحجرات إن شاء الله تعالى.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) ، قيل : هم أصحاب القليب وحكمها عام.
(فَلا تَهِنُوا) ، لا تضعفوا (وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) ، أي لا تدعوا إلى الصلح ، ابتداء منع الله المسلمين أن يدعوا الكفار إلى الصلح ، وأمرهم بحربهم حتى يسلموا ، (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) ، الغالبون قال الكلبي : آخر الأمر لكم وإن غلبوكم في بعض الأوقات ، (وَاللهُ مَعَكُمْ) ، بالعون والنصرة ، (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) ، لن ينقصكم شيئا من ثواب أعمالكم ، يقال : وتره يتره وترا وترة إذا نقص حقه ، قال ابن عباس وقتادة ومقاتل والضحاك : لن يظلمكم أعمالكم الصالحة بل يؤتيكم أجورها.
ثم حض على طلب الآخرة فقال : (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) ، باطل وغرور ، (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا) ، الفواحش ، (يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) ، جزاء أعمالكم في الآخرة ، (وَلا يَسْئَلْكُمْ) ، ربكم ، (أَمْوالَكُمْ) ، لإيتاء الأجر بل يأمركم بالإيمان والطاعة ليثيبكم عليها الجنة ، نظيره قوله : (ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ) [الذاريات : ٥٧] ، وقيل : لا يسألكم محمد أموالكم ، نظيره : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) [الفرقان : ٥٧ ، ص : ٨٦] ، وقيل معنى الآية : لا يسألكم الله ورسوله أموالكم كلها في الصدقات ، إنما يسألانكم غيضا (١) من فيض ، ربع العشر فطيبوا بها نفسا ، وقروا بها عينا.
وإلى هذا القول ذهب ابن عيينة ، يدل عليه سياق الآية : (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ) ، أي يجهدكم ويلحف عليكم بمسألة جميعها ، يقال : أحفى فلان فلانا إذا جهده ، وألحف عليه بالمسألة ، (تَبْخَلُوا) ، بها فلا تعطوها ، (وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) ، بغضكم وعداوتكم ، قال قتادة : علم الله أن في مسألة الأموال خروج الأضغان.
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (٣٨))
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) ، يعني إخراج ما فرض الله عليكم ، (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ) ، بما فرض عليه من الزكاة ، (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُ) ، عن صدقاتكم وطاعتكم ، (وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) ، إليه وإلى ما عنده من الخير. (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) ، بل يكونوا أمثل منكم وأطوع لله منكم ، قال الكلبي : هم كندة والنخع ، وقال الحسن : هم العجم. وقال عكرمة : فارس والروم.
[١٩٤٥] أخبرنا أبو بكر أحمد بن أبي نصر الكوفاني (٢) أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن
__________________
[١٩٤٥] ـ عجزه صحيح ، وتأويل الآية بأهل فارس لا يصح.
ـ إسناده ضعيف لضعف مسلم بن خالد الزنجي. ـ
(١) في المخطوط (ب) «فيضا» والمثبت عن ط والمخطوط (أ)
(٢) في المطبوع «الكوفاتي» والمثبت عن المخطوط (أ) وط وفي المخطوط (ب) «القوفاتي».