فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧))
(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ) ، حين صدوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه عن البيت ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأنكروا محمدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والحمية : الأنفة ، يقال : فلان ذو حمية إذا كان ذا غضب وأنفة. قال مقاتل : قال أهل مكة : قد قتلوا أبناءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا ، فتتحدث العرب أنهم دخلوا علينا على رغم أنفنا ، واللات والعزى لا يدخلونها علينا ، فهذه (حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) ، التي دخلت قلوبهم ، (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ، حتى لم يدخلهم ما دخلهم من الحمية فيعصوا الله في قتالهم ، (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى).
قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وعكرمة والسدي وابن زيد وأكثر المفسرين : كلمة التقوى «لا إله إلّا الله» (١) وروي عن أبي بن كعب مرفوعا.
وقال علي وابن عمر : كلمة التقوى لا إله إلّا الله والله أكبر. وقال عطاء بن أبي رباح : هي لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وقال عطاء الخراساني : هي لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقال الزهري : هي بسم الله الرحمن الرحيم. (وَكانُوا أَحَقَّ بِها) ، من كفار مكة ، (وَأَهْلَها) ، أي وكانوا أهلها في علم الله لأن الله تعالى اختار لدينه وصحبة نبيه أهل الخير ، (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً).
(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) ، وذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم أري في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام آمنين ، ويحلقون رءوسهم ويقصرون ، فأخبره بذلك أصحابه ، ففرحوا وحسبوا أنهم دخلوا مكة عامهم ذلك ، فلما انصرفوا ولم يدخلوا شقّ عليهم ذلك ، فأنزل الله هذه الآية.
[١٩٧٦] وروي عن مجمع بن جارية الأنصاري : قال شهدنا الحديبية مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما انصرفنا
__________________
[١٩٧٦] ـ أخرجه أبو داود ٢٧٣٦ والبيهقي في «الدلائل» ٤ / ١٥٦ ـ ١٥٧ من طريق مجمّع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري ، عن أبيه عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مجمع بن جارية ... به ، وإسناده ضعيف لجهالة يعقوب ابن مجمّع ، وله شاهد من مرسل عروة والزهري ، أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٤ / ١٦٠ وإسناده قوي ، ومراسيل عروة جياد.
(١) المرفوع ضعيف ، والصحيح موقوف. أخرجه الترمذي ٣٢٦٥ والطبري ٣١٥٧٩ وعبد الله في «زوائد المسند» ٥ / ١٣٨ والطبراني في «الكبير» ٥٣٦ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٢٠٠ من طريق الحسن بن قزعة عن سفيان بن حبيب عن شعبة عن ثوير عن أبيه عن الطفيل بن أبيّ عن أبيه ، وإسناده ضعيف جدا ، ثوير بن أبي فاختة متروك الحديث ، بل قال الثوري : هو ركن من أركان الكذب.
ـ قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلّا من حديث الحسن بن قزعة.
ـ قال الترمذي : وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث ، فلم يعرفه مرفوعا إلّا من هذا الوجه ا ه.
ـ تنبيه : وقد وهم الألباني في هذا الحديث حيث حكم بصحته في «صحيح الترمذي» ٢٦٠٣.
ـ وأخرجه الطبراني في «الدعاء» ١٥٣٠ من حديث سلمة بن الأكوع ، وفي إسناد موسى بن عبيدة الربذي ، وهو ضعيف ، ليس بشيء.
ـ وأخرجه ابن مردويه كما في «الدر» ٦ / ٨٠ من حديث أبي هريرة ، وابن مردويه يروي الموضوعات ؛ لا يحتج بما ينفرد به ، وقد تفرد به عن أبي هريرة ، فهو لا شيء ، وقد ورد موقوفا عن غير واحد من الصحابة والتابعين ، وهو الصواب ، وقد وهم ثوير وموسى الربذي فروياه مرفوعا.