(إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦) وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ (١١) يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤))
ثم ذكر المقسم عليه فقال : (إِنَّما تُوعَدُونَ) ، من الثواب والعقاب ، (لَصادِقٌ).
(وَإِنَّ الدِّينَ) ، الحساب والجزاء ، (لَواقِعٌ) ، لكائن.
ثم ابتدأ قسما آخر فقال : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) (٧) ، قال ابن عباس وقتادة وعكرمة : ذات الخلق الحسن المستوي ، يقال للنساج إذا نسج الثوب فأجاد : ما أحسن حبكه (١)! قال سعيد بن جبير : ذات الزينة. قال الحسن : حبكت بالنجوم.
قال مجاهد : هي المتقنة البنيان (٢). وقال مقاتل والكلبي والضحاك : ذات الطرائق كحبك الماء إذا ضربته الريح ، وحبك الرمل والشعر الجعد ، ولكنها لا ترى لبعدها من الناس وهي جمع حباك وحبيكة ، وجواب القسم قوله (٣) :
(إِنَّكُمْ) ، يا أهل مكة ، (لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) ، في القرآن وفي محمد صلىاللهعليهوسلم ، تقولون في القرآن سحر وكهانة وأساطير الأولين ، وفي محمد صلىاللهعليهوسلم ساحر وشاعر ومجنون. وقيل : لفي قول مختلف أي مصدق ومكذب.
(يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) (٩) ، يصرف عن الإيمان به من صرف حتى يكذبه ، يعني من حرمه الله الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبالقرآن. وقيل عن بمعنى : من أجل ، أي : يصرف من أجل هذا القول المختلف أو بسببه عن الإيمان من صرف (٤). وذلك أنهم كانوا يتلقون الرجل إذا أراد الإيمان فيقولون : إنه ساحر وكاهن ومجنون ، فيصرفونه عن الإيمان ، وهذا معنى قول مجاهد.
(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) (١٠) ، لعن الكذابون ، يقال : تخرّص (٥) على فلان الباطل ، وهم المقتسمون الذين اقتسموا عقاب مكة ، واقتسموا القول في النبي صلىاللهعليهوسلم ليصرفوا الناس عن دين الإسلام. وقال مجاهد : هم الكهنة.
(الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ) ، غفلة وعمى وجهالة (ساهُونَ) لاهون غافلون عن أمر الآخرة ، والسهو : الغفلة عن الشيء ، وهو ذهاب القلب عنه.
(يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) (١٢) ، يقولون : يا محمد متى يوم الجزاء ، يعني يوم القيامة تكذيبا واستهزاء.
قال الله عزوجل : (يَوْمَ هُمْ) ، أي يكون هذا الجزاء في يوم هم (عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) ، أي يعذبون ويحرقون بها كما يفتن الذهب بالنار. وقيل : (عَلَى) بمعنى الباء أي بالنار ، وتقول لهم خزنة النار : (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) ، عذابكم ، (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) ، في الدنيا تكذيبا به.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨))
__________________
(١) في المخطوط «حبكه».
(٢) في المخطوط «قال مجاهد : المتقن البنيان».
(٣) في المطبوع «وله» والمثبت عن ط والمخطوط.
(٤) في المطبوع «يصرف» والمثبت عن المخطوط و «ط».
(٥) في المطبوع «تحرص» والمثبت عن «ط» والمخطوط.