بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩))
(إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣٩) ، في الدنيا من الشرك.
(إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٤٠) ، الموحدين.
(أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ) (٤١) ، يعني بكرة وعشيا كما قال : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم : ٦٢].
(فَواكِهُ) جمع الفاكهة وهي الثمار كلها رطبها ويابسها وهي كل طعام يؤكل للتلذذ لا للقوت ، (وَهُمْ مُكْرَمُونَ) ، بثواب الله.
(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٤٤) ، لا يرى بعضهم قفا بعض.
(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ) ، إناء فيه شراب ولا يكون كأسا حتى يكون فيه شراب ، وإلّا فهو إناء ، (مِنْ مَعِينٍ) ، خمر جارية في الأنهار ظاهرة تراها العيون.
(بَيْضاءَ) ، قال الحسن : خمر أشد بياضا من اللبن ، (لَذَّةٍ) ، أي لذيذة ، (لِلشَّارِبِينَ).
(لا فِيها غَوْلٌ) ، قال الشعبي : لا تغتال عقولهم فتذهب بها. قال الكلبي [ليس فيها](١) إثم. وقال قتادة : وجع البطن. وقال الحسن : صداع. وقال أهل المعاني : الغول فساد يلحق في خفاء ، يقال : اغتاله اغتيالا إذا أفسد عليه أمره في خفية ، وخمرة الدنيا يحصل منها أنواع من الفساد ، منها السكر وذهاب العقل ووجع البطن والصداع والقيء والبول ، ولا يوجد شيء من ذلك في خمر الجنة. (وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) ، قرأ حمزة والكسائي (يُنْزَفُونَ) بكسر الزاي وافقهما عاصم في الواقعة [١٩] ، وقرأ الآخرون بفتح الزاي فيهما فمن فتح الزاي فمعناه : لا يغلبهم على عقولهم ولا يسكرون ، يقال : نزف الرجل فهو منزوف ونزيف إذا سكر ، ومن كسر الزاي فمعناه : لا ينفذ (٢) شرابهم ، يقال أنزف الرجل فهو منزف إذا فنيت خمرته.
(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ) ، حابسات الأعين غاضات الجفون قصرن (٣) أعينهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم ، (عِينٌ) ، أي حسان الأعين ، يقال : رجل أعين وامرأة عيناء ونساء عين.
(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ) ، جمع البيضة ، (مَكْنُونٌ) ، مصون (٤) مستور ، وإنما ذكر المكنون والبيض جمع لأنه رده إلى اللفظ. قال الحسن : [شبههنّ ببيض [النعام (٥) لأن] النعامة تكنها بالريش من الريح والغبار حين خروجها] ، فلونها أبيض في صفرة. ويقال : هذا أحسن ألوان النساء أن تكون المرأة بيضاء مشرّبة صفرة ، والعرب تشبهها ببيضة النعامة.
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٥٠) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قالَ تَاللهِ إِنْ
__________________
(١) سقط من المطبوع ، واستدرك من المخطوط.
(٢) في المطبوع «ينزف» والمثبت عن «ط» والمخطوط.
(٣) في المخطوط «قصرت».
(٤) في المطبوع «مضمون» والمثبت عن «ط» والمخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.