(وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) ، أي قويناه بالحرس والجنود ، قال ابن عباس : كان أشد ملوك الأرض سلطانا ، كان يحرس محرابه كل ليلة ستة وثلاثون ألف رجل.
[١٨٠٤] أخبرنا أبو سعيد الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أنا عبد الله بن حامد أنا محمد بن خالد بن الحسن ثنا داود بن سليمان ثنا محمد بن حميد ثنا محمد بن الفضل ثنا داود بن أبي الفرات عن علباء بن أحمر (١) عن عكرمة عن ابن عباس : أن رجلا من بني إسرائيل استعدى على رجل من عظمائهم عند داود عليهالسلام [فقال](٢) إن هذا غصبني بقرا ، فسأله داود فجحد ، فسأل الآخر (٣) البينة؟ فلم يكن له بينة ، فقال لهما داود : قوما حتى انظر في أمركما ، فأوحى الله إلى داود في منامه أن يقتل الذي استعدى عليه ، فقال : هذه رؤيا ولست أعجل حتى أتثبت ، فأوحى إليه مرة أخرى فلم يفعل ، فأوحى الله إليه الثالثة أن يقتله أو تأتيه العقوبة ، فأرسل داود إليه فقال : إن الله أوحى إليّ أن أقتلك ، فقال تقتلني بغير بيّنة؟ قال داود : نعم والله لأنفذنّ أمر الله فيك ، فلما عرف الرجل أنه قاتله ، قال له : لا تعجل حتى أخبرك ، إني والله ما أخذت بهذا الذنب ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته ، فلذلك أخذت ، فأمر به داود فقتل ، فاشتدت هيبة بني إسرائيل عند ذلك لداود ، واشتد به ملكه فذلك قوله عزوجل : (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ).
(وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) ، يعني النبوة والإصابة في الأمور ، (وَفَصْلَ الْخِطابِ) ، قال ابن عباس : بيان الكلام ، وقال ابن مسعود والحسن والكلبي ومقاتل : علم الحكم والتبصر في القضاء. وقال علي بن أبي طالب : هو أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر ، لأن كلام الخصوم ينقطع وينفصل به. ويروى ذلك عن أبي بن كعب قال : فصل الخطاب الشهود والأيمان ، وهو قول مجاهد وعطاء بن أبي رياح. وروي عن الشعبي : أن فصل الخطاب هو قول الإنسان بعد حمد الله والثناء عليه أما بعد إذا أراد الشروع في كلام آخر ، وأول من قاله داود عليهالسلام.
(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢))
قوله عزوجل : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) (٢١) ، هذه الآية من (٤) [قصة](٥) امتحان داود عليهالسلام ، واختلف العلماء بأخبار الأنبياء عليهمالسلام في سببه ، فقال قوم : كان سبب ذلك أنه عليهالسلام تمنى يوما من الأيام منزلة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، وسأل ربه أن يمتحنه كما امتحنهم ويعطيه من الفضل مثل ما أعطاهم.
فروى السدي والكلبي ومقاتل عن أشياخهم دخل حديث بعضهم في بعض ، قالوا : كان داود قد
__________________
[١٨٠٤] ـ موقوف. إسناده على شرط الصحيح.
ـ وأخرجه الواحدي في «الوسيط» ٣ / ٥٤٤ ـ ٥٤٥ من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ عن داود بن أبي الفرات بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه الطبري ٢٩٨١١ من وجه آخر عن داود عن علباء بن أحمر عن عكرمة به. وهو موقوف صحيح ، لكن مصدره كتب الأقدمين.
(١) في المطبوع «علي بن أحمد» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «فقال للآخر» والمثبت عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «في» والمثبت عن «ط» والمخطوط.
(٥) زيادة عن «ط» والمخطوط.