محمد صلىاللهعليهوسلم.
وذكر عند (١) ابن سيرين : الذين يصرعون إذا قرئ عليهم القرآن ، فقال بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطا رجليه ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره ، فإن رمى بنفسه فهو صادق.
(ذلِكَ) ، يعني أحسن الحديث ، (هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ).
(أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٥) فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٢٦))
(أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ) ، أي شدته ، (يَوْمَ الْقِيامَةِ) ، قال مجاهد : يجر على وجهه في النار. وقال عطاء : يرمي به في النار منكوسا فأول شيء منه تمسه النار وجهه. قال مقاتل : هو أن الكافر يرمى به في النار مغلولة يداه إلى عنقه ، وفي عنقه صخرة مثل جبل عظيم من الكبريت فتشتعل النار في الحجر ، وهو معلق في عنقه فحرها ووهجها على وجهه لا يطيق دفعها عن وجهه ، للأغلال التي في عنقه ويده. ومجاز الآية : أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب كمن هو آمن من العذاب؟ (وَقِيلَ) ، يعني تقول الخزنة ، (لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) ، أي وباله.
(كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، من قبل كفار مكة كذبوا الرسل ، (فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) ، يعني هم آمنون غافلون من العذاب.
(فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ) ، العذاب والهوان ، (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
(وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨) ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١))
(وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٢٧) ، يتعظون.
(قُرْآناً عَرَبِيًّا) ، نصب على الحال ، (غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) ، قال ابن عباس : غير مختلف. قال مجاهد :غير ذي لبس. قال السدي : غير مخلوق. ويروى ذلك عن مالك بن أنس ، وحكي عن سفيان بن عيينة عن سبعين من التابعين أن القرآن ليس بخالق ولا مخلوق. (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ، الكفر والتكذيب به.
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً) ، قال الكسائي نصب رجلا لأنه تفسير للمثل ، (فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ) ، متنازعون مختلفون سيئة أخلاقهم ، يقال رجل شكس شرس إذا كان سيّئ الخلق مخالفا للناس لا يرضى بالإنصاف ، (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ).
قرأ أهل مكة والبصرة (سالما) بالألف أي خالصا له لا شريك ولا منازع له فيه ، وقرأ الآخرون (سَلَماً) بفتح اللام من غير ألف ، وهو الذي لا ينازع فيه من قولهم : هو لك سلم ، أي مسلم ، لا منازع لك فيه. (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) ، هذا مثل ضربه الله عزوجل للكافر الذي يعبد آلهة شتى ، والمؤمن
__________________
(١) في المطبوع «عن» والمثبت عن المخطوط.