ومن نطفة سعيدا ، ومن أخرى شقيا ؛ ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين.
وأما قوله تعالى (١) : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ...) الآية. ففيه قولان : أحدهما قول علىّ بن أبى طالب وابن عباس رضى الله عنهما : إنّ الدّخان يكون قبل يوم القيامة يصيب المؤمن منه مثل الزكام ، وينضج رءوس الكافرين والمنافقين ؛ وهو من أشراط الساعة. وروى حذيفة أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ أوّل الآيات الدخان».
والثانى قول ابن مسعود : إنّ الدخان عبارة عما أصاب قريشا حين دعا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالجدب ، فكان الرجل يرى دخانا بينه وبين السماء من شدة الجوع. قال ابن مسعود (٢) : خمس قد مضين : الدخان ، واللّزام ، والبطشة ، والقمر ، والرّوم. وقيل : إنه يقال للجدب دخان ليبس الأرض وارتفاع الغبار ، فشبه ذلك بالدخان. وربما وضعت العرب الدخان فى موضع الشرّ إذا علا ؛ فتقول كان بيننا أمر ارتفع له دخان.
(دُسُرٍ (٣)) : مسامير ، واحدها دسار. وقيل : مقادم السفينة. وقيل : أضلاعها ، والأول أشهر. والدسار : أيضا الشرط التى تشد بها السفينة.
(دُولَةً (٤)) ـ بالضم والفتح : ما يدول الإنسان ، أى يدور عليه. ويحتمل أن يكون من المداولة ، أى كى لا يتداول ذلك المال الأغنياء بينهم ، وهو الفيء
__________________
(١) الدخان : ١٠
(٢) فسر بأنه يوم بدر (النهاية). واللزام يراد به قوله تعالى : فسوف يكون لزاما ، أى يكون عذابهم لزاما. قالوا : وهو ما جرى عليهم يوم بدر من القتل والأسر. والحديث فى صحيح مسلم : ٢١٥٧
(٣) القمر : ١٣
(٤) الحشر : ٧