من اليهود ستّا ، وأباح للنصارى اثنتين (١) ، فجعل الله لهذه الأمة الأربع ؛ لأنهم خير الأمم ؛ وخير الأمور أوساطها. هذا لمن قدر على العدد ؛ وأما من لم يقدر فالاقتصار على الواحدة ، وما ملكت اليمين أولى ؛ رغبة فى العدل ، كما قال تعالى (٢) : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا).
(مَقْتاً) : بغضا. ومنه قوله تعالى (٣) : (لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ؛ فمقتوا أنفسهم ، واعترفوا بذنوبهم. وجعل كل واحد يلوم صاحبه ؛ فتناديهم الملائكة وتقول : لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم ؛ فقوله : لمقت الله ـ مصدر مضاف إلى الفاعل ، وحذف المفعول لدلالة مفعول مقتكم عليه ؛ وقوله (٤) : (إِذْ تُدْعَوْنَ) ـ ظرف للعامل فيه مقت الله من طريق المعنى ، ويمتنع أن يعمل فيه من طريق قوانين النحو ؛ لأن مقت الله مصدر ، فلا يجوز أن يفصل بينه وبين بعض صلته ، فيحتاج أن يقدّر للظرف عامل ؛ وعلى [١٤٧ ا] هذا أجاز بعضهم الوقف على قوله : أنفسكم ، والابتداء بالظرف ؛ وهذا ضعيف ؛ لأن المراعى المعنى. وقد جعل الزمخشرى (٥) مقت الله عاملا فى الظرف ولم يعتبر الفصل.
وأما قوله تعالى (٦) : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً) ـ فكانت العرب إذا تزوّج الرجل امرأة أبيه فأولدها يقولون للولد مقتىّ ؛ ولذا زاد (٧) المقت فى هذه الآية ؛ لأن هذا المقت أقبح من الزنى.
__________________
(١) فى ب : اثنان ـ تحريف.
(٢) النساء : ٣
(٣) غافر : ١٠
(٤) غافر : ١٠
(٥) فى الكشاف (٢ ـ ٣١٠) ، قال : إذ تدعون منصوب بالمقت الأول.
(٦) النساء : ٢٢
(٧) فى آية الإسراء (٣٢) : ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا. فكلمة مقتا زائدة فى هذه الآية.