(ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ (١)) : هذه الآية خطاب للنبىّ صلىاللهعليهوسلم ، والمراد به كل مخاطب على الإطلاق ، فدخل فيه غيره من الناس ؛ وفيه تأويلان :
أحدهما ـ نسبة الحسنة إلى الله والسيئة إلى النفس تأدبا مع الله ، وإن كان كل شىء منه فى الحقيقة ؛ وهذا كقوله صلىاللهعليهوسلم : «والخير كلّه بيدك ، والشرّ ليس إليك». وأيضا فنسبة السيئة إلى العبد لأنها بسبب ذنوبه ؛ لقوله تعالى (٢) : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ، فإنها من العبد بتسبّبه فيها ، ومن الله بالخلقة والاختراع.
والثانى ـ أن هذا من كلام القوم المذكورين قبل. والتقدير يقولون كذا ، فمعناها كمعنى التى قبلها.
(ما قَدْ سَلَفَ (٣)) : المعنى إلا ما فعلتم من ذلك فى الجاهلية وانقطع بالإسلام ؛ فقد عفا عنكم ، ولا تؤاخذون به. هذا فى أرجح الأقوال.
(ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ (٤)) : يريد السبايا فى أشهر الأقوال. والمعنى أن المرأة الكافرة إذا كان لها زوج ثم سبيت جاز لمن ملكها من المسلمين أن يطأها.
وسبب ذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث جيشا إلى أوطاس (٥) فأصابوا سبيا من العدوّ ، ولهنّ أزواج من المشركين ، فتأثّم المسلمون من غشيانهنّ ؛ فنزلت الآية مبيحة لذلك.
__________________
(١) النساء : ٧٩
(٢) الشورى : ٣٠
(٣) النساء : ٢٣
(٤) النساء : ٢٤
(٥) أوطاس : واد فى ديار هوازن (البكرى).