مائدة من السماء ؛ فموضع «أن» مفعول بقوله : يستطيع ، على القراءة بالياء ، ومفعول بالمصدر وهو السؤال المقدّر على القراءة بالتاء.
(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ (١)) : من الأولى زائدة ، والثانية للتبعيض أو لبيان الجنس ؛ وهذا الخطاب للكفّار.
(مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (٢)) : قال عكرمة : هو الملك ، ولكنّه بكلام النبطيّة ملكوت. وقال الواسطى فى الإرشاد : هو الملك بلسان القبط ؛ ومعناه أن الله فرج له السموات والأرض حتى رأى ببصره الملك الأعلى والأسفل ؛ وهذا يفتقر لصحة نقل.
وقيل : رأى ما يراه الناس من الملكوت ، ولكنه وقع له بها من الاعتبار والاستدلال ما لم يقع لأهل زمانه.
وقيل إنما ابتلى بذبح ولده ؛ لأنه رأى فى هذا الكشف عاصيا ، فدعا الله بهلاكه ، وكذلك ثان وثالث ، فقال الله : احجبوه. وابتلاه بذبح ولده ، فقال : يا ربّ صبّرنى ؛ فإنك ابتليتنى بما لم تبتل به أحدا قبلى ، فنزل عليه جبريل ، وقال له : يا إبراهيم ؛ أما تذكر يوم كشف الله لك الملكوت ، ودعوت على عباد الله بالهلاك ، أهلكت له ثلاثا ، وهو طلب منك واحدا ؛ فقال : يا جبريل ؛ وهل تبلغ رحمته بعباده كرحمتى بولدى؟ فقال : الله أرحم بعبده منك بولدك. فبكى إبراهيم ففدّاه الله بذبح عظيم. والواو والتاء فى ملكوت زائدتان مثل الرحموت من الرحمة ، والرهبوت من الرهبة ؛ تقول العرب رهبوت خير من رحموت ؛ أى أن ترهب خير من أن ترحم.
__________________
(١) الأنعام : ٤
(٢) الأنعام : ٧٥