السموم المهلكة ، الواقعة في المعدة ، مع أن الهلاك الحاصل بها ليس إلا هلاكا في حق الدنيا الفانية. فانظر إن كانت سموم البدع والأهواء والضّلالات الواقعة في القلب ، مهلكة هلاكا يحول بين السموم وبين عالم القدس ومعدن الروح والراحة حيلولة دائمة أبديّة سرمديّة ، وكانت المحاجّة البرهانية تشفى عن تلك السموم وتدفع ضررها ، هل هي أولى بأن تسمى التّرياق الأكبر أم لا؟
وأما المسك الأذفر : فهو عبارة في عالم الشهادة عن شيء يستصحبه الإنسان ، فيثور منه رائحة طيبة تشهره وتظهره ، حتى لو أراد خفاءه لم يختف ، لكن يستطير وينتشر ، فانظر إن كان في المقتنيات العلمية ما ينشر منه الاسم الطيب في العالم ، ويشتهر صاحبه به اشتهارا [حتى] لو أراد الاختفاء وإيثار الخمول ، بل تشهره وتظهره ، فاسم المسك الأذفر عليه أحقّ وأصدق أم لا؟ وأنت تعلم أن علم الفقه ومعرفة أحكام الشريعة يطيّب الاسم وينشر الذّكر ويعظّم الجاه وما ينال القلب من روح طيب الاسم وانتشار الجاه أعظم كثيرا مما ينال المشامّ من روح طيب رائحة من المسك.
وأما العود : فهو عبارة عند الخلق عن جسم في الأجسام لا ينتفع به ولكن إذا ألقي على النار حتى احترق في نفسه تصاعد منه دخان منتشر ، فينتهي إلى المشامّ فيعظم نفعه وجدواه ، ويطيب مورده وملقاه ، فإن كان في المنافقين وأعداء الله أظلال كالخشب المسنّدة لا منفعة لها ، ولكن إذا نزل بها عقاب الله ونكاله من صاعقة وخسف وزلزلة حتى يحترق ويتصاعد منه دخان ، فينتهي إلى مشامّ القلوب ،