دأب كثير من المستشرقين على القول بأن محمدا أخذ عناصر دينية من الأحبار والرهبان ، وهذا القرار المسبق يحول بينهم وبين التعامل العلمى الصحيح مع القرآن ونبوة محمد «صلىاللهعليهوسلم».
رد «جول تسيهر» الوحى إلى محمد «صلىاللهعليهوسلم» إلى مصدرين : خارجى ، وداخلى فيقول : «فتبشير النبى العربى ليس إلا مزيجا منتخبا من معارف وآراء دينية عرفها بفضل اتصاله بالعناصر اليهودية والمسيحية التى تأثر بها تأثرا عميقا والتى رآها جديرة بأن توقظ في بنى وطنه عاطفة دينية صادقة ، وهذه التعاليم التى أخذها عن تلك العناصر الأجنبية كانت في وجدانه ضرورية لإقرار لون من الحياة في اتجاه يريده الله» (١).
ولم يكن اليهود والنصارى وحدهم هم الذين أخذ عنهم محمد بل امتدت همته العلمية والمعرفية إلى المجوس والوثنيين. يقول : فمحمد «انتخب تعاليم الإسلام من الديانات السائدة في عصره : اليهودية والنصرانية والمجوسية والوثنية بعد تهذيب وصقل.
«لقد تأثر بهذه الأفكار تأثرا وصل إلى أعماق نفسه ، وأدركها بإيحاء قوة التأثيرات الخارجية ، فصارت عقيدة انطوى عليها قلبه ، كما صار يعتبر هذه وحيا إلهيا» (٢).
أما «واط» فإنه على منوال «جولدتسيهر» نسج ، غير أنه لم يقطع بما قطع به «جولد تسيهر» وإنما اتبع أسلوب الاحتمالات حتى يكون ما يحدثه من تشكيك وبلبلة أشد وأوقع.
ألقى «واط» بفريته وهو يتحدث عن تحنث نبينا «صلىاللهعليهوسلم» في غار حراء ، ثم علل ذهاب النبى إلى الغار بقوله : «يمكن أن يكون ذلك للفرار من أتون المدينة (مكة) خلال فصل الصيف للذين لا يستطيعون التوجه إلى الطائف. ويمكن أن يكون للتأثير اليهودى المسيحى ولا سيما مثل الرهبان. أو تجربة شخصية لمحمد» (٣).
ثم يقول في كتاب آخر له : «إن على الإسلام أن يقر بحقيقة أصله ، ذلك التأثير التاريخى للتراث الدينى اليهودى المسيحى» (٤).
__________________
١ و ٢ ـ جولد تسيهر : العقيدة والشريعة في الإسلام. (ترجمة د. محمد يوسف موسى وآخرون) ص ١٢ ، ٢٤ ، ٢٥ ، دار الكتب الحديثة بمصر ط ٢ ، وأنظر : موقف جولد تسيهر من القرآن الكريم ، «للمؤلف» مقال منشور بالكتاب الدورى لمركز الدراسات الاستشراقية والحضارية بكلية الدعوة بالمدينة المنورة / جامعة الأمير / محمد بن مسعود الإسلامية.
٣ ـ محمد في مكة ص ٨١.
٤ ـ. ٢٩٣p ١٩٦١Is lamandIntegratio nofSocietyLondon ، W.MWatt