جيش منهزم في اللحظة التى بدأ فيها الصراع الفكرى يحتدم بين المجتمع الإسلامى والغرب ، فأصبح هذا القبيل من المثقفين يبحث عن نجاته في التزيى بالزى الغربى ، وينتحل في أذواقه وسلوكه» (١).
هل هذا من تخطيط الاستشراق كقوة مفكرة ، قائدة لقوى الاستعمار ، بحيث يأتى التفجير ـ فيما يظنون ـ من داخلنا؟ هل خلق تلاميذ للاستشراق من أهل الشرق ـ أعنى الشرق الإسلامى ـ يعد طورا من أطوار الاستشراق ذاته ، طالما أنهم يحققون أهدافه؟
وسواء حسنت نية التلاميذ أو كانت سيئة ، فما زال «المستشرقون يجدون من يفتح لهم أذرعتهم من الباحثين الذين هم امتداد الاستشراق في بلادهم ، والذين وقعوا ضحية مناهجهم والذين لم يبلغوا بعد درجة الوعى القومى ، والذين ما زالوا يسلكون (بعقدة الخواجة) أو الذين تربطهم بالاستشراق الغربى مصالح مشتركة من مناصب أو درجات أو دعوات أو مؤتمرات» (٢).
وطالما أن هؤلاء امتداد للاستشراق ألا يعدون مستشرقين حتى وإن كانوا عربا أو شرقيين؟
لقد اعتبر نجيب العفيفى ـ وهو شرقى / عربى ـ نفسه مستشرقا ، فيقول في كتابه «المستشرقون» : «.. إننا في دراستنا لا نسعى إلى نوايا جانبية غير صافية ، بل نسعى إلى البحث عن الحقيقة الخالصة» (٣) فهو ينسب نفسه للمستشرقين ، فضلا عن أنه يتكلم عن المدرسة المارونية ضمن مدارس الاستشراق ، ويجعل نفسه واحدا من رجالها (٤).
وإذا كان الاستشراق يمثل خطرا على الإسلام ، فلقد ظهر «علماء مسلمون فى الشرق والغرب هم أعظم خطرا من المستشرقين إذا ما عد هؤلاء من تلاميذ المستشرقين» (٥).
ننتهى من هذه الإشارات إلى أن الاستشراق قوة : سياسية وعقائدية ، واجتماعية ،
__________________
١ ـ مالك بن نبى : إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامى الحديث ص ١٣ ـ ١٤ مكتبة عمارة. القاهرة.
٢ ـ د. حسن حنفى : التراث والتجديد ص ٩٣ مكتبة الجديد
٣ ـ نجيب العفيفى : المستشرقون ج ٣ ص ٥٩٨
(٤)؟ ـ د. عبد العظيم الديب : المستشرقون والتراث ص ١٠ الهامش مكتبة ابن تيمية / البحرين ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م.
٥ ـ د. على بن إبراهيم النملة : كنه الاستشراق .. ص ٢٩ الكتاب الدورى لقسم الاستشراق كلية الدعوة بالمدينة المنورة ١٤١٢ ه.