به ، ومن بين ما جاء به ، قول الله جل وعلا (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) [سبأ : ٢٨] بدا واضحا أن من أهم أهداف الاستشراق ، صد العقل الأوربى عن معرفة الإسلام الحق والوقوف عليه من مصادره ومنابعه الأصلية من ناحية أخرى محاولة تشكيك المسلمين في عقيدتهم وإضعاف روحهم المعنوية كى يخضعوا مستسلمين للاستعمار : العسكرى ثم الفكرى.
لقد أدرك المستشرقون أن قوة المسلمين تكمن في دينهم وأن روح المقاومة تكمن في عقيدتهم ، فسعوا جاهدين للنيل من الإسلام لتنهار روح المقاومة. وغير خاف ـ علينا ـ وسائلهم لتحقيق أهدافهم ـ فضلا تشويهاتهم ـ : من علمانية ، وجودية وفرويدية ، وبرمجاتيه و..
أما عن محاولة بعض المستشرقين رد القصص القرآنى إلى أصول يهودية مسيحية ، فقد باءت بالفشل ، للتباين الواضح بين هذه وتلك فضلا عن إفحام فريق آخر من المستشرقين لادعاءات الفريق الأول في هذا الصدد.
كما فشلت محاولات المستشرق الإنجليزى «مونتجمرى واط» ـ الذى يدعى الإيمان ـ رد القرآن الكريم إلى العنصر البشرى ممثلا في محمد صلىاللهعليهوسلم ، وذلك حين حلل النبوة وأرجعها إلى ما أسماه التصور الخلاق أو التصور الخالق .....
creativeimmginat ion (١) ومعناه أن الوحى نوع من النشاط الذهنى غير العادى ، كما يظهر عند بعض الموهوبين ..
واتضح لنا أن القاسم المشترك بين المستشرقين ـ إلا قليل منهم ـ القدامى والمحدثين ، التشكيك في إلهية النص القرآنى ، والوحى إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ، ولم يتورعوا عن دس الأكاذيب والأساطير ، كما فعل «هنرى لامانس» فى (كتابه فاطمة وبنات محمد) (٢). ويبدو أن هذا التوارث أمر طبيعى على اعتبار أن اللاحق ينقل عن السابق.
علما بأن التحرى العلمى يطلب من المستشرقين ـ وغيرهم من الباحثين ـ أن يتتبعوا جوهر حقيقة الإسلام حيث توجد في مظانها الأولى ، أى في القرآن وصحيح السنة ، لا أن يحكموا عليها من خلال وجهة نظر مستشرقين سابقين إليها ، مع ما عرف عنهم من عداء صريح للإسلام ونبى الإسلام.
__________________
١ ـ Muhammad ـ Prophetandst atesmanoxforduni ـ press : M.wat ٢٣٧p ، ١٩٧٨newyork
٢ ـ د. عبد الرحمن بدوى : موسوعة المستشرقين ص ٣٤٧ ـ ٣٤٩ مصدر سابق.