التاريخى وأصوله فإنه من خلال رؤيته التاريخية ، وتغربه يمارس نوعا من التكسير والتجريح في كيان السيرة ونسيجها ، فيصدم الحس الدينى ، ويرتطم بالبداهات الثابتة ... وهو من خلال منظوريه : العقلى والوضعى يسعى إلى فصل الروح عن جسد السيرة ويعاملها كما لو كانت حقلا ماديا للتجارب والاستنتاجات وإثبات القدرة على الجدل ..». (١)
وإلى جانب هذا الخط العام للاستشراق ، تبين وجود فئة قليلة أنصفت الإسلام والنبى محمد صلىاللهعليهوسلم في جل كلامها وأبحاثها ، وإن كان بدرجة محدودة نظرا للخلفية الفكرية والثقافية والاجتماعية الضاغطة عليهم.
وقد صدرت أصوات إسلامية تحذيرية حتى لا يخدعنا الأسلوب الحديث للمستشرقين في تناولهم للإسلام.
«فالمفكرون المسلمون يعرفون جميعا أنه في العقدين الأخيرين قد تراجع الاستشراق عن أسلوبه القديم المباشر واستعمل أسلوبا أشد مكرا ، وأسوأ سبيلا ، وهو محاولة الدخول في الموضوعات من باب التقدير والمدح حتى يخدع القارئ ويكسب ثقته ، ثم لا يلبث بعد ذلك أن يثير شبهات خفيفة متتالية في إطار هذا التقدير العام الكاذب ، وقد تنبه كثير من الباحثين المسلمين اليقظين ، وأشاروا إلى خطورته وحذروا من الانخداع له» (٢)
ونسوق مقالا واحدا على هذا الخداع الذى حذر منه علماء المسلمين : جوستاف قرونبوم : «VonGrunebaum» يتحدث عن قبول العرب للدين الإسلامى فيقول :
١ ـ إن نظامه الدينى من أشد النظم والديانات إحكاما وأعظمها توافقا وتماسكا.
٢ ـ كان هذا النظام ينطوى على أجوبة مقنعة للمسائل الى كانت تشغل مواطنيه كما كان يتجاوب وروح العصر.
٣ ـ إنه رفع العالم الناطق بالعربية إلى مستوى العوالم الأخرى ذات الكتب المنزلة (٣)
__________________
١ ـ د. عماد الدين خليل : المستشرقون والسيرة ص ٦ مصدر سابق.
٢ ـ انور الجندى : شبهات التغريب في غزو الفكر الاسلامى ص ٢٩ المكتب الاسلامى / دمشق ، بيروت ١٩٧٨ ، د. محمود حمدى زقزوق : الاستشراق والخلفية الفكرية ... مصدر سابق.
٣ ـ جوستاف قرونبوم : حضارة الاسلام. ترجمة عبد العزيز جاويد ص ٩٨. القاهرة دار مصر للطباعة ١٩٥٦ م.