(كانت) إحدى الجنتين عن يمين الوادى والأخرى عن شماله. أى كانت بلادهم ذات بساتين وأشجار وثمار» (١). ومحمد «صلىاللهعليهوسلم» لم يصف هذه الحضارة من عند نفسه وإنما هو من عند الله علام الغيوب.
من ذلك أيضا قول الله تعالى : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) [آل عمران : ٤٤] فيه دلالة على نبوة محمد حيث أخبر عن قصة زكريا ومريم ولم يكن يقرأ الكتب. وأخبر عن ذلك وصدقه أهل الكتاب بذلك».
القرآن إذن معجز بتضمنه الأخبار عن الغيوب ووجه الإعجاز في القصص القرآنى أى فيما يتعلق بالغيب هو أمّية الرسول فمن المعلوم ـ كما قلنا ـ أنه نشأ أميّا لا يقرأ ولا يكتب.
وقبل أن أنتهى من موضوع الإعجاز أود أن أنبه إلى أن للمحدثين اجتهادات قيمة حول إعجاز القرآن ، من ذلك ...
١ ـ إعجازه بالعلوم الدينية والتشريعية.
٢ ـ إعجازه لما فيه من التنبيه على دلائل العقول فإن ذلك جاء على طريقة انتقضت به العادة.
٣ ـ إعجازه. لخلوه من الاختلاف والتناقض مع ما فيه من الطول.
٤ ـ صنيعه في القلوب وتأثيره في النفوس ومن ذلك أيضا :
أولا : ذهب المرحوم سيد قطب إلى أن وجه الإعجاز للقرآن كامن في صميم النسق القرآنى ذاته لا في الموضوع الذى يتحدث عنه وحده ، فيقول : يجب أن نبحث عن «منبع السحر في القرآن قبل التشريع المحكم ، وقبل النبوءة الغيبية وقبل العلوم الكونية وقبل أن يصبح القرآن وحدة مكتملة تشمل هذا كلّه ، فقليل القرآن هو الذى كان في أيام الدعوة الأولى كان مجردا من هذه الأشياء التى جاءت فيما بعد وكان مع ذلك محتويا على النبع الأصيل الذى تذوقه العرب فقالوا : (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ...).
لنجد الجمال الفنى الخالص عنصرا مستقلا بجوهره خالد في القرآن بذاته يتملاه الفن في عزلة عن جميع الملابسات والأغراض وأن هذا الجمال ليتملى وحده ، فيغنى وينظر في تساوقه مع أغراض الدعوى الدينية فيرتفع في التصوير ، التصوير هو
__________________
١ ـ القرطبى : الجامع لأحكام القرآن