الصفويّ» بان يقوم به ، من الارتفاع ببلاد «ايران» من شعوب عرقيّة متصارعة الى دولة واحدة على اساس المذهب. هذا التوحيد في المذهب ، اوجد رابطا مشتركا بين الاقوام الايرانيّين ، ووحّد البلاد عاطفيّا ، وسياسيّا ، واجتماعيّا ، وعسكريّا ـ بخاصّة في حروبها ـ سواء في عهده ، او في عهد خلفائه ؛ كما استطاع ان يوجد دولة ذات نظام ومؤسّسات في «ايران» ؛ استمرّت بعده مائتي سنة ، وتعدّ من اهمّ الادوار في تأريخ «ايران» بعد الاسلام.
في مجاورة «ايران» يرى «سليم العثمانيّ» ـ وهو اقلّ وعيا ، اقلّ تديّنا ، واكثر تعصّبا وبأسا وطموحا وحبّا للجاه والسيطرة ـ بنفسه انّ انتصارات «اسماعيل الصفويّ» على اوزبك والاعداء الآخرين ، قد اوجدت سدّا منيعا امام توسّع الدولة العثمانيّة ، وامام طموحه الى ان يكون خليفة المسلمين ؛ لذلك صمّم «سليم العثمانيّ» على حرب «اسماعيل الصفويّ» وجاءته الخصومة المذهبيّة ، ذريعة تلائم ميله الى الحرب ، وحبّ التوسّع ، وتلائم اخلاقه العدوانيّة. واستغلّ ما نقله الفارّون من «ايران» ، والمهاجرون من اهل السنّة الى اراضي الدولة العثمانيّة ، وذكرهم لتعدّيات «اسماعيل الصفويّ» والقزلباش ؛ فاستحصل على فتوى من بعض فقهائه تعدّ الشيعة خارجين على الدين الاسلاميّ ، وتقرّ وجوب محاربتهم وقتلهم ؛ لذلك امر بقتل كلّ من كان معروفا بالتشيع داخل بلاده ، وهيّأ جيشا قويّا لمحاربة «اسماعيل الصفويّ» ؛ فاوقع الهزيمة ب : «اسماعيل الصفويّ» عند وادي «چالدران» في رجب سنة ٩٢٠ ه ق ؛ ثمّ ، تقدّم الى عاصمة «تبريز» واستولى على خزائن «اسماعيل الصفويّ» وارسلها الى «القسطنطينيّة» ؛ ثمّ ، قرّر القضاء على دولة المماليك ، فاحرز في معركة «مرج دابق» ٢٥ رجب المرجب سنة ٩٢٢ ه ق ، نصرا حاسما على قانصوه الغوريّ. وبعد موقعة «مرج دابق» دخلت «سوريّة» تحت حكمه. و «جبل عامل» ـ الّذي هو جزء من بلاد «الشام» ـ وقع عليه هذا الحدث بثقله ؛ فاصابه من الشرّ ، اكثر ممّا اصاب بلاد «الشام» الاخرى ؛ لانّ اهله كانوا ـ بنظر العثمانيّين ـ متّهمين بميولهم الى الدولة الصفويّة ؛ عدوة العثمانيّين.
توفّي «اسماعيل الاوّل» سنة ٩٣١ ه ق ؛ فانتقل الحكم الى ابنه «طهماسب» الّذي كان