في العاشرة من عمره. تميّز عهد «طهماسب» ـ الّذي طال ٥٢ عاما ـ بالحروب المتواصلة ضد العثمانيّين في الغرب ، والاوزبك المتعصّبين في الشرق. وقد شنّ هؤلاء على «ايران» اكثر من سبع حملات متواصلة. كان من نصيب «هرات» و «مشهد» المقدّسة ـ ان تعانيا منها ـ اكثر من ايّ مدينة اخرى.
نقل «طهماسب الصفويّ» العاصمة الى داخل البلاد ، بعيدا من قبضة العثمانيّين ، متّخذا مدينة «قزوين» عاصمة جديدة له. كان يجلّ العلماء ويحترمهم ؛ ولذلك كان لا يألو جهدا في تشجيع العلماء الاعلام وترغيبهم في الذهاب الى «ايران» والعيش فيها. وفي عهده ، هاجر عدد من علماء «النجف» و «كرك نوح» و «جبل عامل» الى «ايران» ؛ وكان من بينهم «الشيخ حسين بن عبد الصمد» ؛ والد «الشيخ البهائيّ».
ولمّا توفّي «طهماسب» ـ الّذي كان محتالا وسواسا ـ تولّى ابنه «حيدر» الّذي قتل بعد بضع ساعات قبل دفن ابيه ودفنا معا ؛ ثمّ ، تولّى «اسماعيل الثاني» ـ الّذي كان ابوه قد سجنه في قلعة «قهقهة» ـ بمساندة بعض طوائف القزلباش ؛ ثمّ ، اقدم على الفتك بكلّ من نازعه السلطة من اخوته ، وابناء اخوته ، ومن ساعدهم من زعماء القزلباش ؛ عدا اخيه الضرير «محمّد خدابنده» وابنه «عبّاس» الّذي نجا من الموت باعجوبة.
منذ ان تسلم «اسماعيل الثاني» ، الحكم ، تحوّلت العلاقة بين ابناء البيت الصفويّ ، الى علاقة عداء ، وتوجّس ، وخفية ؛ كما اصبح «اسماعيل الثاني» لعبة في ايدي القزلباش ، يوجّهونه وفق اهوائهم. تميّز «اسماعيل الثاني» باختلال في العقل ، والحمق ، ومعاقرة الخمر والظلم ؛ وكانت مدّة حكمه مليئة بالمآسي.
بعد اغتيال «اسماعيل الثاني» سنة ٩٨٥ ه ق ، لم يكن من أبناء بيت الحاكم الصفويّ على قيد الحياة ، الّا اخوه الضرير «محمّد خدابنده» ؛ وكان ضعيف الرأي وسفّاكا. كثرت الفتن والشرور في عهده ، واخذت «ايران» انحدرت في الوهن. وقد اغتنم اعداء الدولة الصفويّة ضعف «محمّد خدابنده» ، وهاجموا البلاد من الشرق والغرب ؛ فوقع قسم مهمّ من «آذربايجان» بيد «مراد ثالث العثمانيّ» ، وظلّلت «خراسان» زمنا طويلا مسرحا لهجمات