اتصال الافاضة ، ومرجعه إلى تحديد زمان الكون وتخصيص وقت الافاضة لا أنه ارتفاع المعلول الكائن عن وقت كونه وبطلانه في حد حصوله. انتهى
الثاني : ما ذكره بعض الافاضل في شرحه على الكافي وتبعه غيره من معاصرينا ، وهو أن القوى المنطبعة الفلكية لم تحط بتفاصيل ما سيقع من الامور دفعة واحدة لعدم تناهي تلك الامور بل إنما ينتقش فيها الحوادث شيئا فشيئا وجملة فجملة ، مع أسبابها وعللها على نهج مستمر ونظام مستقر فإن ما يحدث في عالم الكون والفساد فإنما هو من لوازم حركات الافلاك المسخرة لله تعالى ونتائج بركاتها فهي تعلم أنه كلما كان كذا كان كذا ، فمهما حصل لها العلم بأسباب حدوث أمر ما في هذا العالم حكمت بوقوعه فيه فينتقش فيها ذلك الحكم ، وربما تأخر بعض الاسباب الموجب لوقوع الحادث على خلاف ما يوجبه بقية الاسباب لولا ذلك السبب ، (١) ولم يحصل لها العلم بذلك بعد لعدم اطلاعها على سبب ذلك السبب ، (٢) ثم لما جاء أوانه واطلعت عليه حكمت بخلاف الحكم الاول فيمحى عنها نقش الحكم السابق ويثبت الحكم الآخر ، مثلا لما حصل لها العلم بموت زيد بمرض كذا لاسباب تقتضي ذلك ولم يحصل لها العلم بتصدقة الذي سيأتي به قبل ذلك الوقت لعدم اطلاعها على أسباب التصدق بعد ثم علمت به وكان موته بتلك الاسباب مشروطا بأن لايتصدق فتحكم أولا بالموت وثانيا بالبرء ، وإذا كانت الاسباب لوقوع أمر ولا وقوعه متكافئة ولم يحصل لها العلم برجحان أحدهما بعد لعدم مجيئ أو ان سبب ذلك الرجحان بعد كان لها التردد في وقوع ذلك الامر ولا قوعه فينتقش فيها الوقوع تارة واللاوقوع اخرى فهذا هو السبب في البداء والمحو والاثبات والتردد وأمثال ذلك في امور العالم فإذا اتصلت بتلك القوى نفس النبي أو الامام عليهما الصلاة والسلام وقرأ فيها بعض تلك الامور فله أن يخبر بما رآه بعين قلبه ، أو شاهده بنور بصيرته ، أو سمع باذن قلبه ، وأما نسبة ذلك كله إلى الله تعالى فلان كل ما يجري في العالم الملكوتي إنما يجري بإرادة الله تعالى بل فعلهم بعينه فعل الله سبحانه حيث إنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون إذ لاداعي لهم على الفعل إلا إرادة الله عزوجل لاستهلاك
___________________
(١ ، ٢) في نسخة : ذلك الحادث.