ظهر عزوجل للجبل بآية من آيات الآخرة التي يكون بها الجبال سرابا ، والذي ينسف بها الجبال نسفا ، تدك دك الجبل فصار ترابا لانه لم يطق حمل تلك الآية. وقد قيل : إنه بداله نور العرش.
وتصديق ما ذكرته ما حدثنا به تميم القرشي ، عن أبيه ، عن حمدان بن سليمان ، عن علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى عليهماالسلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك : إن الانبياء معصومون؟ قال : بلى ، فسأله عن آيات من القرآن فكان فيما سأل أن قال له : فما معنى قول الله عزوجل : «ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني» الآية؟ كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران عليهالسلام لا يعلم أن الله تعالى ذكره لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله عن هذا السؤال؟.
فقال الرضا عليهالسلام : إن كليم الله موسى بن عمران عليهالسلام علم أن الله تعالي عن أن يرى بالابصار ، ولكنه لما كلمه الله عزوجل وقربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عزوجل كلمه وقربه وناجاه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت وكان القوم سبعمائة ألف رجل فاختار منهم سبعين ألفا ، ثم اختار منهم سبعة آلاف ، ثم اختار منهم سبعمائة ، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه فخرج بهم إلي طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل ، (١) وصعد موسى عليهالسلام إلي الطور ، وسأل الله تبارك وتعالى أن يكلمه ويسمعهم كلامه ، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام ، لان الله عزوجل أحدثه في الشجرة ، ثم جعله منبعثا منها حتي سمعوه من جميع الوجوه فقالوا : لن نؤمن لك بأن هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة ، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عز و جل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا : إنك ذهبت بهم فقتلتهم لانك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله إياك؟ فأحياهم الله وبعثهم معه ، فقالوا : إنك لو سألت الله أن يريك
___________________
«١» سفح الجبل : أصله وأسفله ، عرضه ومضطجعه الذى يسفح أى ينصب فيه الماء.