إلي امتناعها مطلقا ، وذهبت المشبهة (١) والكرامية (٢) إلى جواز رؤيته تعالى في الجهة والمكان لكونه تعالى عندهم جسما ، وذهبت الاشاعرة إلى جواز رؤيته تعالى منز ها عن المقابلة والجهة والمكان.
قال الآبي في كتاب إكمال الاكمال ناقلا عن بعض علمائهم : إن رؤية الله تعالى جائزة في الدنيا عقلا ، واختلف في وقوعها وفي أنه هل رآه النبي «ص» ليلة الاسرى أم لا
___________________
وجوه وجودها ومحامل معانيها. وبأن رؤية الله تعالى مستحيلة في الدنيا والاخرة ، ونفوا عنه التشبيه من كل جهة كانا وصورة وجسما وتحيزا وانتقالا وزوا لا وتغيرا وتأثرا ، وبأن العبد قادر لافعاله خيرها وشرها ، مستحق على ما يفعله ثوابا وعقابا في الاخرة ، والرب تعالى منزه من أن يضاف اليه شر وظلم. وبأنه تعالى لا يفعل الا الصلاح والخير. وبأن اصول المعرفة وشكر النعمة واجبة قبل ورود السمع ، والحسن والقبيح يجب معرفتهما بالعقل واعتناق الحسن واجتناب القبيح واجب كذلك وورود التكاليف ألطاف للبارى تعالى. وغير ذلك مما اتفقوا عليه واختلفوا كل واحد من فرقهم في امور ذكرت في مظانها. وسموا بالمعتزلة لان واصل بن عطا لما قال بمقالة المنزلة بين المنزلتين وأن صاحب الكبيرة لا مؤمن ولا كافر وتفرد بهذه المقالة خلافا لاستاذه الحسن البصرى واعتزل عنه إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد يقرر ذلك على جماعة من أصاب الحسن فقال الحسن : اعتزل عنا واصل فسمى هو وأصحابه معتزلة ، وقيل في وجه التسمية غير ذلك أيضا.
(١) اعلم أن المشبهة صنفان : صنف شبهوا ذات البارى سبحانه بذات غيره «وصف شبهو اصفاته بصفات غيره فمن الاول جماعة من أصحاب الحديث الحشوية صرحوا بالتشبيه مثل مضر وكهمش و وأحمد الجهيمى وغيرهم من أهل السنة قالوا : معبودهم صورة ذات أعضاء وأبعاض اما روحانية أو جسمانية يجوز عليه الانتقال والنزول والصعود والاستقراء والتمكن وأجازوا على ربهم الملامسة و المصافحة وأن المخلصين من المسلمين يعانقونه في الدنيا والاخرة اذا بلغوا في الرياضة والاجتهاد إلى حد الاخلاص والاتحاد المحض وحكى عن داود الجواربى أنه قال : اعفونى عن الفرج واللحية و اسألونى عما وراء ذلك ، قاله الشهرستانى. ونسب إلى الحنابلة أنهم مشاركون معهم في بعض التشبيهات. أقول : ومنهم الكرامية والبيانية والمغيرية والمنصورية والخطابية والحلولية والاتحادية وغير ذلك ، يطول ذكرهم وبيان معتقداتهم فمن شاء فليطلب من المعاجم.
ومن الصنف الثانى المعتزلة البصرية والكرامية الذين زعموا أن ارادته تعالى من جنس ارادتنا وغيرهما ممن يعتقدون بأن صفاته كصفا تنازائدة على وجوده تعالى.
(٢) أصحاب أبى عبد الله محمد بن الكرام المتوقى سنة ٢٥٥ وله ولاصحابه مقالات زائفة خرافية في التشبيه قال الشهرستانى : وهم طوائف يبلغ عددهم إلى اثنى عشرة فرقة واصولها ستة : العابدية والتونية ، والزرينية والاسحاقية ، والواحدية ، والهيصمية.