سميع بصير؟ فقال أبو عبدالله عليهالسلام : هو سميع بصير ، سميع بغير جارحة ، وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ، ويبصر بنفسه ، وليس قولي : إنه يسمع بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر ، ولكني أردت عبارة عن نفسي إذكنت مسؤولا ، وإفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول : يسمع بكله لا أن كله له بعض ، ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي ، وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معنى.
١٦ ـ يد : ابن الوليد ، عن الصفار وسعد معا ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، والحسين ابن سعيد ، ومحمد البرقي ، (١) عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقال لي : أتنعت الله؟ قلت : نعم ، قال : هات. فقلت : هو السميع البصير. قال : هذه صفة يشترك فيها المخلوقون. قلت : فكيف ننعته؟ فقال : هو نور لاظلمة فيه ، وحياة لاموت فيه ، وعلم لاجهل فيه ، وحق لاباطل فيه ، فخرجت من عنده وأنا أعلم الناس بالتوحيد.
قال الصدوق رحمهالله : إذا وصفنا الله تبارك وتعالى بصفات الذات فإنما ننفي عنه بكل صفة منها ضدها ، فمتى قلنا : إنه حي نفينا عنه ضد الحياة وهو الموت ، ومتى قلنا : عليم نفينا عنه ضد العلم وهو الجهل ، ومتى قلنا : سميع نفينا عنه ضد السمع وهو الصمم ، ومتى قلنا : بصير نفينا عنه ضد البصر وهو العمى ، ومتى قلنا : عزيز نفينا عنه ضد العزة و هو الذلة ، ومتى قلنا : حكيم نفينا عنه ضد الحكمة وهو الخطاء ، ومتى قلنا : غني نفينا عنه ضد الغنى وهو الفقر ، ومتى قلنا : عدل نفينا عنه الجور وهو الظلم ، ومتى قلنا : حليم نفينا عنه العجلة ، ومتى قلنا : قادر نفينا عنه العجز ، ولو لم نفعل ذلك أثبتنا معه أشياء لم تزل معه ، ومتى قلنا : لم يزل حيا سميعا بصيرا عزيزا حكيما غنيا ملكا (٢) فلما جعلنا معنى كل صفة من هذه الصفات التي هي صفات ذاته نفي ضدها أثبتنا أن الله لم يزل واحدا لا شئ معه. وليست الارادة والمشيئة والرضا والغضب وما يشبه ذلك من صفات الافعال بمثابة صفات الذات فإنه لا يجوز أن يقال : لم يزل الله مريدا شائيا كما
___________________
(١) في بعض النسخ : عن أبيه عن ابن ابى عمير.
(٢) في التوحيد المطبوع هكذا : لم يزل حيا عليما سميعا ملكا حليما عدلا كريما.