أرسل إليه ابن زياد اني عائد لك فاخذ شريك يحرّض مسلم بنعقيل على الفتك بابن زياد وقال له : ان غايتك وغاية شيعتك هلاكه فأقم في الخزانة حتى اذا اطمأن عندي أخرج إليه واقتله وأنا أكفيك أمره بالكوفة معا العافية (٢٧).
وبينا هم على هذا إذ قيل : الأمير على الباب ، فدخل مسلم الخزانة ودخل عبيدالله فلما استبطأ شريك خروج مسلم أخذ عمامته من على رأسه ، ووضعها على الأرض ثم وضعها على رأسه فعل ذلك مرارا ونادى بصوت عال يسمع مسلماً :
ما الانتظار بسلمـي لا تحيوهـا |
|
حيوا سليمى وحيوا من يحيهـا |
هل شربة عذبة أسقى على ظماء |
|
ولـو تلفت وكانت منيتـي فيها |
وإن تخشّيت من سلمى مراقبـة |
|
فلست تأمن يوما مـن دواهيهـا |
وما زال يكرّره (٢٨) وعينه رامقة الى الخزانة ثم صاح بصوت رفيع إسقونيها ولو كان فيها حتفي فالتفت عبيدالله إلى هاني وقال : إن ابن عمك يخلط في علته؟ فقال هاني : ان شريكا يهجر منذ وقع في علته وإنه ليتكلم بما لا يعلم (٢٩) فلما ذهب ابن زياد وخرج مسلم قال له شريك : ما منعك منه؟ قال عليهالسلام : منعني خلتان الأولى حديث عليّ عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله إن الإيمان قيد الفتك فلا يفتك مؤمن (٣٠) والثانية امرأة هاني فإنها تعلقت بي وأقسمت عليّ بالله أن لا أفعل هذا في دارها وبكت في وجهي ، فقال هاني : يا ويلها قتلتني وقتلت نفسها ، والذي فرّت منه وقعت فيه (٣١).
ولبث شريك بعد ذلك ثلاثة أيام وما فصلى عليه ابن زياد ، ودفن
__________________
٢٧) مثير الاحزان ص١٤.
٢٨) رياض المصائب ص٦٠.
٢٩) ابن نما ص١٤.
٣٠) الطبري ج٦ ص٢٠٤ ، وابن الأثير ج٤ ص١١ ، والأخبار الطوال ص٢٣٦ ـ وهذا الحديث تكرر ذكره في الجوامع ، رواه أحمد بن حنبل في المسند ج١ ص١٦٦ ، وفي منتخب كنز العمال بهامش المسند لأحمد ج١ ص٥٧ ، والجامع الصغير للسيوطي ج١ ص١٢٣ ، وكنوز الحقائق بهامشه ج١ ص٩٥ ، ونص عليه من علمائنا ابن شهر آشوب في المناقب ج٢ ص٣١٨ ، والبحار في معاجز الصادق ج١١ ، وفي وقائع الأيام عن الشهاب في الحكم والآداب.
٣١) مثير الأحزان لابن نما ص١٤.