نهضة مسلم
كان لنهضة مسلم موعد مضروب بينه وبين الناس ، ولم يزل هو ومن بايعه يتأهبون لذلك الأجل من تعبئة الرجال ، وتهيئة العتاد ، ورسم خطط الحرب الأخذ بالتدابير اللازمة ، غير أن الأمر باغته بالقبض على هاني وهو آخذ بعضده ، وموئل رأيه ، وفي داره قاعدة ولايته ، ومركز سلطته ، فاضطرّت الحالة « مسلما » أن يتعجّل الخروج قبل الأجل مخافة أن يؤخذ غيلة ولعله ينقذ صاحبه من مخلب الظالم وقد أسلمته عشيرته.
وكان رسوله الى القصر عبدالله بن حازم الكبريّ من الأزد من بني كبير (١) ليأتيه بخبرهاني ، فعرّفه حبسه وأن نسوة مراد مجتمعات ينادين واثكلاه واعثرتاه فعندها أمره أن ينادي في أصحابه : « يا منصور أمت » (٢) وقد ملأبهم الدور حوله ، وتنادى أهل الكوفة بذلك الشعار فاجتمع اليه أربعة آلاف فعقد راية لعبيدالله بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة وربيعة وأمّره على الخيل ، وراية لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع مذحج واسد وأمّره على الرّجالة ، وراية لأبي ثمامة الصائدي على ربع تميم وهمدان ، وراية للعباس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة.
ثم أقبل مسلم عليهالسلام بهؤلاء الجمع الى القصر وكان ابن زياد في الجامع الأعظم يخطب الناس فدخلت النظارة المسجد من باب التمارين يهتفون بمجيء ابن عقيل فراع ذلك ابن زياد ، وأسرع الى القصر وأغلق أبوابه.
__________________
١) الطبري ج٦ ص٢٠٨.
٢) منصور رئيس الملائكة الذين نزلوا لنصرة النبي يوم بدر وكان شعار المسلمين يا منصور أمت.