واحد فكيف يثلم ذلك الجمع.
نعم هو واحد بالذات كثير في العزم والبأس.
فتجمهروا عليه من كل الجهات وصرخة آل أبي طالب لا يكترث بجمعهم ولم ترعه كثرتهم ، فأوقع فيهم الموت الزوام ، واختلف هو وبكير بن حمران الأحمري بضربتين ، ضرب بكير فم مسلم ـ عليهالسلام فقطع شفته العليا وأسرع السيف الى السفلى ونصلت لها ثنيّتان ، وضربه مسلم على رأسه ضربة منكرة ، واخرى على حبل العاتق كادت أن تطلع الى جوفه (١٢) فمات منها (١٣).
وأخذ يقاتلهم وحده في ذلك المجال الضيّق حتى أكثر القتلى والناس من أعلى السطوح يرمونه بالحجارة ، ويقلبون عليه القصب المضرم بالنار (١٤) وهو يرتجز في حملاته (١٥) :
أقسمت لا أقتـل إلا حـرا |
|
وإن رأيت الموت شيئا نكرا |
كل امرئ يوما ملاق شـرا |
|
ويخلط البـارد سخنا مـرا |
رد شعاع النفس فاستقـرا |
|
أخـاف أن أكـذب أو أغرا |
ولمّا أثخنته الجراح وأعياه نزف الدم استند الى جنب تلك الدار فتحاملوا عليه يرمونه بالسهام والحجارة فقال :
|
« ما لكم ترموني بالحجارة كما ترمى الكفار وأنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار ألا ترعون حق رسول الله في عترته (١٦) ». |
وحيث أعوزتهم الحيل والدابير الحربية لالقاء القبض عليه أو التوصل الى قتله ، أو تحرّي منجاة من سيفه الرهيف قابلوه بالأمان عساه يكف عن القتال فيتسنى لهم
__________________
١٢) الطبري ج٦ ص٢١٠.
١٣) مقتل الخوارزمي.
١٤) ابن الأثير ج٤ ص١٣.
١٥) في اللهوف ص٣٠ صيدا ، الأبيات لحمران بن مالك النخعي قالها يوم القرم ، وعند ابن نما « القرن » ويشهد له ما في المعجم مما استعجم ج٣ ص١٠٦٨ قرن اسم جبل كانت فيه وقعة لغطفان على بني كنانة فهو يوم قرن ، وفي تاج العروس ج٩ ص٣١٠ يوم أقرن كاملس يوم لغطفان على بني عامر وفي معجم البلدان ج٧ ص٦٤ قرن اسم جبل كانت به وقعة لبني قرن على بني عامر بن صعصعة ، وفي نهاية الارب للقلقشنديّ ص٣٢١ بنو فرن بطن من مراد وهم بنو قرن ابن رومان بن ناجية بن مراد منهم أو يس القرني الشهور.
١٦) مناقب ابن شهر آشوب ج٢ ص٢١٢.