بالمدد أن أعزوتهم القوة.
وصريحة الهاشميين خالي من ذلك كله ، ولكن سل القوم والموقف كما وصفناه ، هل ألم بابن عقيل خور ، أو داخله فرق ، أو فترت منه عزيمة ، أو تثبّط من إقدام؟ لا ومن ترك «الجديدين» يرتّلان صحيفته البيضاء على رؤوس الأجيال حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولم يشعروا أهو مسلم ينساب عليهم بصارمه الذكر ، أو عمه أمير المؤمنين يشق الصفوف ويطرد الألوف ، أو أن زورعة الحمام أخذتهم من نواحيهم فقتل من السبعين أربعين وهو يرتجز (٦) :
هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع |
|
فأنت بكـأس الموت لاشك جـارع |
فصبـرا لأمر الله جل جلاله |
|
فحكم قضاء الله في الخلـق ذايع |
وكان من قوته يأخذ الرجل من محزمه ويرمي به فوق البيت ، (٧) والمرأة الطاهرة « طوعة » تحرّضه على القتال (٨) فاضطرهم البؤس واليأس من الظفر الى الاستمداد ، فأنفذ ابن الأشعث الى ابن مرجانة يستمدّه الرجال فبعث اليه : إنا أرسلناك الى رجل واحد لتأتينا به فثلم في أصحباك هذه الثلمة فكيف لو أرسلناك الى غيره؟ (٩)
فأرسل إليه ابن الأشعث : « أيها الأمير أتظن أنك أرسلتني الى بقّال من بقّالي الكوفة ، أو جرمقان من جرامقة الحيرة؟ وإنما وجّهتني الى سيف من أسياف محمد بن عبدالله » فأمده بخمسمائة فارس (١٠).
إن ابن مرجانة يعجب من هذه البسالة الطالبية وما لهم من القسط الأوفر منها ، ولا تزال أنباء مواقفهم في الحروب ترنّ في مسامعه كما أن صداها لم ينقطع عن اذن الدهر ومسامع الأجيال والاندية تلهج بحديث النبي :
|
« لو ولد الناس كلهم أبوطالب لكانا * شجعانا » (١١) |
لكنّ طيش الملك وغرور الحاكمية أخذا به الى الاستخفاف بسرّي مضر من أنه
__________________
٦) مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٢١٢.
٧) نفس المهموم ص ٥٧.
٨) رياض المصائب ص ٢٦٥.
٩) مقتل محمد بن أبي طالب.
١٠) رياض المصائب ص ٢٦٦.
* كذا في المتن ولكن الصحيح لكانوا بدل لكانا.
١١) غرر الخصائص للوطواط ص ١٧ في باب حفظ الجوار.