امتلأ دما للضربة التي على شفتيه ، وفي الثالثة امتلأ دما وسقطت في القدح ثناياه فتركه وقال :
|
« لو كان من الرزق المقسوم لشربته (٢٤) » |
وهذا من أشد تمكن القداسة في ذاته الملكوتية التي هي قطعة ذلك الجامع المنبسط على رجالات بيت الوحي ، وهو روح الطهارة والعصمة عن الرذائل. فتلك ذات لم تمازجها دنيّة ولا ألمّت بها ضعة ولا وصمت برذيلة فراق داعية السبط الشهيد عليهالسلام أن لا يعلق به شيء لا يتفق مع عنصره الزاكي وذاته المطهرة ولم يقاربه طيلة عمره ، ألا وهو شرب الماء المشوب بالدم وان كان يجوز له ذلك.
لأن الله تعالى اختار لهذه النفوس القدسية المتفانية في نيل مرضاته الداعية الى كلمته وبرهانه حتى قاست ما لا يدركه العقل من كوارث ومحن في سبيل طاعته أشر الموت وهو القتل ممنوعين من الورود لتكون الحجة ألزم على اولئك المتمرّدين على قدس المولى سبحانه الخارجين على حدود سننه وتعاليمه.
__________________
٢٤) المصدر ص٢١٢.