طواغيت الشام يوم قام التوابون في وجهه ، ويوم وثبة غلام ثقيف الذي أخبر سيد الشهداء يوم الطف عنه إذ قال : « وكأني بغلام ثقيف يسقيكم كأسا مصبرة » فأجهزت عليه ضربة ابن الأشتر وألحقته بأميره الذي دعا إليه.
وان ما ذكرناه من الهاجسة التي حسب لها الوالي حسابه ولها وضع القبرين بالقرب من قصره شيء مطّرد عنه الولاة والحكام فإنهم لايدعون أحدا يقرب ممن نكّلوا بهم إذا كان لهم شأن بين الأمة حذرا من تأثر النفوس واحتدام القلوب بتذكّر ما جرى عليهم فتثور العواطف وتصبح الحالة مضطربة من جميع جهاتها.
ويشهد لذلك حديث الحسين بن بنت أبي حمزة الثمالي فإنه يعطينا صورة واضحة عما عليه الأمويون من الجد في منع الناس من اتيان قبر الحسين ، ولو لم يكن السبب الوحيد ما أشرنا اليه من خوف الأمراء من اضطراب الحالة عليهم وهياج الأمة عندما يتذكّرون الفوادح الجارية عليه وإلا فأين الحسين واين خلافة المروانيين.
قال الحسين :
|
خرجت في آخر دولة بني مروان الى زيارة الحسين عليهالسلام مستخفيا من أهل الشام ولما وصلت كربلاء وأردت الدخول على القبر خرج إليّ رجل ومنعني منه فقلت : يا هذا لا تحل بيني وبين القبر فغني أخاف إذا طلع الصبح يقتلوني أهل الشام فقال الرجل : ان موسى بن عمران استأذن ربه في سبعين ألفا من الملائكة لزيارة الحسين فهم من أول الليل الى طلوع الفجر ، وبعد الفجر جئت الى الزيارة فلم أر أحدا (١). |
وجاء دور الرشيد فزاد على ما عليه المروانيون فإنه قطع السدرة التي هي عند قبر الحسين والزوار يستظلون تحتها وقد لعن النبي قاطع السدرة ثلاث مرات ، فلم يفهم الناس معنى الحديث الى أن قطعها الرشيد (٢).
وحديث المتوكل العباسي متواتر عند المؤرخين فقد وضع المسالح لذلك وفي سنة ٢٤٧ أرسل قائدا ومعه جند لمنع الناس من اتيان قبر الحسين فرأى خلقا مجتمعين عنده و
__________________
١) كامل الزيارة ص١١١.
٢) أمالي ابن الشيخ الطوسي.